أبو بكر؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جعل الثلاثمائة غاية، فيجب تغير الفرض بالزيادة عليها، والأول أصح؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جعل حكمها إذا زادت على الثلاثمائة، في كل مائة شاة. فإيجاب أربع فيما دون الأربعمائة يخالف الخبر، وإنما جعل الثلاثمائة حداً لاستقرار الفرض.

فصل:

ولا يجزئ من الغنم إلا الجذع من الضأن، وهو الذي له ستة أشهر، والثني في المعز، وهو الذي له سنة لما روى سعر بن ديسم قال: «أتاني رجلان على بعير فقالا: إنا رسولا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لتؤدي صدقة غنمك. قلت: فأي شيء تأخذان؟ قالا: عناقاً جذعة أو ثنية» . رواه أبو داود. لأن هذا السن هو المجزئ في الأضحية دون غيره، كذلك في الزكاة، فإن كان في ماشيته كبار وصغار لم يجب فيها إلا المنصوص، ويؤخذ الفرض بقدر قيمة المالين، ولذلك قال عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: اعتد عليهم بالسخلة، يروح بها الراعي على يديه، ولا تأخذها منهم. فإن كانت كلها صغاراً جاز إخراج الصغير؛ لقول الصديق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لقاتلتهم عليها. ولا تؤدى العناق إلا عن صغار؛ ولأن الزكاة تجب مواساة، فيجب أن تكون من جنس المال.

وقال أبو بكر: لا تجزئ إلا كبيرة، للخبر. فإن كانت ماشيته الصغار إبلاً أو بقراً ففيها وجهان:

أحدهما: تجزئه الصغيرة، لما ذكرناه في الغنم، وتكون الصغيرة الواجبة في ست وأربعين زائدة على الواجبة في ست وثلاثين بقدر تفاوت ما بين الحقة وبنت اللبون، وهكذا في سائر النصب تعدل بالقيمة.

والثاني: لا يجزئ إلا كبيرة؛ لأن الفرض يتغير بنهاية السن، فيؤدي إخراج الصغيرة إلى التسوية بين النصابين. فعلى هذا يخرج كبيرة ناقصة القيمة بقدر نقص الصغار عن الكبار. وعنه أيضاً: لا ينعقد عليها الحول حتى تبلغ سناً يجزئ في الزكاة، لئلا يلزم هذا المحذور.

فصل:

لا يجزئ في الصدقة هرمة، ولا معيبة، ولا تيس، لقول الله تعالى: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] . وروى أنس في كتاب الصدقات: «لا يخرج في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015