السنة والدين، مشهوراً بذلك، فلا بأس بإظهار الشر عنه، لتحذر طريقته، ويستحب ستر الميت عن العيون، ولا يحضره إلا من يعين في أمره؛ لأنه ربما كان فيه عيب يستره في حياته، وربما بدت عورته فشاهدها.
فصل:
ويجرد الميت عند تغسيله، ويستر ما بين سرته وركبتيه، وروى ذلك الأثرم عنه، واختاره الخرقي وأبو الخطاب؛ لأن ذلك أمكن في تغسيله، وأبلغ في تطهيره، وأشبه بغسل الحي، وأصون له عن أن يتنجس بالثوب إذا خلع عنه، ولأن أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانوا يفعلون ذلك. بدليل أنهم قالوا: لا ندري أنجرد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما نجرد موتانا؟ رواه أبو داود. والظاهر أن النبي أمرهم به وأقرهم عليه.
وروى المروذي، وعنه: أن الأفضل غسله في قميص رقيق ينزل الماء فيه، ويدخل الغاسل يده في كم القميص فيمرها على بدنه؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غسل في قميصه. ولأنه أستر للميت. ويستحب أن يوضع على سرير غسله، متوجهاً، منحدراً نحو رجليه، لينصب ماء الغسل منه، ولا يستنقع تحته فيفسده، ويستحب أن يتخذ الغاسل ثلاثة آنية، إناء كبير فيه ماء، بعيداً عن الميت، وإناء وسطاً، وإناء يغترف به من الوسط، ويصب على الميت، فإن فسد الماء الذي في الوسط كان الآخر سليماً؟ ويكون بقربه مجمر فيه بخور لتخفى رائحة ما يخرج منه.
فصل:
والفرض فيه ثلاثة أشياء: النية. لأنها طهارة تعبدية، أشبهت غسل الجنابة. وتعميم البدن بالغسل؛ لأنه غسل فوجب فيه ذلك، كغسل الجنابة وتطهيره من النجاسة. وفي التسمية وجهان بناء على غسل الجنابة. ويسن فيه ثمانية أشياء:
أحدها: أن يبدأ فيحني الميت حنياً لا يبلغ به الجلوس، ويمر يده على بطنه فيعصره عصراً دقيقاً ليخرج ما في جوفه من فضلة لئلا يخرج بعد الغسل، أو بعد التكفين فيفسده، ويصب عليه الماء وقت العصر صباً كثيراً، ليذهب بما يخرج، فلا تظهر رائحته.
والثاني: أن يلف على يده خرقة فينجيه بها ولا يحل له مس عورته؛ لأن رؤيتها محرمة فلمسها أولى، ويستحب أن لا يمس سائر بدنه إلا بخرقة، وينبغي أن يتخذ الغاسل خرقتين خشنتين، ينجيه بإحداهما ثم يلقيها، ويلف الأخرى على يده فيمسح بها سائر البدن، لما روي أن علياً - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - غسل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبيده خرقة يمسح بها ما تحت القميص.