علي عشرة إلا درهمين، لزمته ثمانية، وإن قال: إلا ثمانية، لزمته العشرة، وإن قال: إلا خمسة، ففيه وجهان: أحدهما: يلزمه خمسة.

والآخر: يلزمه عشرة.

فصل

ولا يصح الاستثناء من غير الجنس، ولا من غير النوع، فلو قال: له علي عشرة دراهم إلا ثوباً، لزمته العشرة، وإن قال: له علي قفيز تمر معقلي، إلا مكوكاً برنياً، لزمه القفيز كله، ولم يصح الاستثناء؛ لأن الاستثناء صرف اللفظ بحرف الاستثناء عما كان يقتضيه لولاه، ولأنه مشتق من: ثنيت فلاناً عن رأيه، إذا صرفته عما كان عازماً عليه، وثنيت عنان دابتي، إذا رددتها عن وجهها الذي كانت ذاهبة إليه، ولا يوجد هذا في غير الجنس والنوع، ولأن الاستثناء من غير الجنس لا يكون إلا في الجحد بمعنى "لكن" والإقرار إثبات، فإن استثنى أحد النقدين من الآخر، لم يصح في إحدى الروايتين، اختارها أبو بكر، لما ذكرنا.

والأخرى: يصح، اختارها الخرقي؛ لأنهما كالجنس الواحد، لاجتماعهما في أنهما قيم المتلفات، وأروش الجنايات، ويعبر بأحدهما عن الآخر، وتعلم قيمته منه، فأشبها النوع الواحد، بخلاف غيرهما.

فصل

وإن أقر بدار إلا بيتاً منها عينه، لم يدخل البيت في إقراره؛ لأنه استثناه، وإن قال: هذا البيت لي، وهذه الدار له أو هذه الدار له وهذا البيت لي، صح؛ لأنه في معنى الاستثناء، لكونه أخرج بعض ما دخل في اللفظ بكلام متصل، وإن قال: إلا ثلثها، أو إلا ربعها، صح، وكان مقراً بالباقي، فإن قال: له هذه الدار إلا نصفها، صح، وكان مقراً بالنصف؛ لأن هذا بدل البعض، وهو سائغ.

قال الله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا} [المزمل: 2] {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا} [المزمل: 3] ، ويصح ذلك فما دون النصف، كقوله: له هذه الدار إلا ربعها، أو أقل، كقولهم: رأيت زيداً وجهه، وإن قال: له هذه الدار سكناها، أو قال: هي له سكنى، أو عارية، صح، وهذا بدل الاشتمال، كقوله سبحانه: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} [البقرة: 217] ، فهو في معنى الاستثناء في كونه إخراجاً للبعض، ويفارقه في جواز إخراج أكثر من النصف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015