الكل، ولأنه بدعوى القضاء يكذب نفسه في الإقرار، فلم تسمع، كما لو قال: له علي ألف، ولا شيء له علي، وقال القاضي: يقبل؛ لأنه ما أقر به بكلام متصل، أشبه استثناء البعض، وإن قال: قضيته منها مائة، ففيه روايتان: إحداهما: يقبل؛ لأنه رفع بعض ما أقر به بكلام متصل، أشبه استثناء المائة.
والثانية: لا يقبل؛ لأنه يكذب نفسه؛ لأنه لو قضاه مائة، لم يكن له عليه ألف، والاستثناء لا يرفع ما أقر به، وإنما يمنع دخول ما استثناه في المستثنى منه، وإن قال: كان له علي ألف فقضيتها ففيه روايتان: إحداهما: لا تقبل دعوى القضاء؛ لأنه أقر بالدين وادعى براءته منه، فقبل إقراره، ولا تسمع دعواه إلا ببينة، كما لو ادعى ذلك بكلام منفصل.
والثانية: يقبل، اختاره الخرقي؛ لأنه قول يمكن صحته، ولا تناقض فيه من جهة اللفظ، فوجب قبوله، كاستثناء البعض.
قال القاضي: المذهب أن هذا ليس بإقرار، وإن قال: لي عليك ألف، فقال: قضيتك منها مائة، فقال القاضي: ليس هذا إقراراً بشيء؛ لأن المائة قد رفعها بقوله، والباقي لم يقر به، وقوله: منها، يحتمل أنه أراد مما يدعيه، وإن قال: كان له علي ألف وسكت، فهو مقر بها؛ لأنه أقر بوجوبها عليه، وثبوتها في ذمته، والأصل بقاؤه حتى يوجد ما يرفعه.
باب الاستثناء الاستثناء يمنع أن يدخل في الإقرار ما لولاه لدخل، ولا يرفع ما ثبت؛ لأنه لو ثبت بالإقرار شيء، لم يقدر المقر على رفعه، فيصح استثناء ما دون النصف؛ لأنه لغة العرب، قال الله تعالى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: 14] ولا يصح استثناء أكثر من النصف، لأنه ليس من لسانهم، قال أبو إسحاق الزجاج: لم يأت الاستثناء إلا في القليل من الكثير.
ولو قال: له علي مائة إلا تسعة وتسعين، لم يكن متكلماً بالعربية، وفي استثناء النصف وجهان: أحدهما: يصح؛ لأنه ليس بالأكثر.
والثاني: لا يصح لأنه لم يأت في لسانهم إلا في القليل من الكثير، فإذا قال: له