والثاني: يلزمه نصف المال؛ لأن الملك استند إلى شهادته ويمين المدعي، فتوزع الحق عليهما، كالشاهد والمرأتين.
فصل
وإن شهد اثنان بحرية عبد، فحكم بشهادتهما، ثم رجعا، غرما للسيد قيمته، لما ذكرنا، وإن شهدا بطلاق قبل الدخول، فحكم به، ثم رجعا، فعليهما نصف الصداق المسمى؛ لأنهما أغرماه للزوج، فلزمهما ذلك، كما لو شهدا بالنصف، وإن كان ذلك بعد الدخول، فلا ضمان عليهما لأن خروج البضع من ملك الزوج غير متقوم، فلم يضمناه، كما لو أخرجته عن ملكه بالردة، أو بالقتل، وإن شهدا بكتابة عبده، فحكم بها، ثم رجعا، فعليهما ما بين قيمته سليماً ومكاتباً، فإن أدى وعتق، فعليهما ما بين قيمته وكتابته، لأنهما فوتاه ذلك، ويحتمل أن يرجع عليهما بجميع قيمته؛ لأن ما أداه كان من كسبه الذي يملكه، وإن لم يعتق، لم يرجع عليهما بشيء، وإن شهدا لأمة بالاستيلاد، فرجعا، فعليهما ما نقص من قيمتها، فإن عتقت بموت سيدها، ضمنا تمام قيمتها؛ لأنهما فوتا رقها على الورثة.
فصل
وإذا حكم بشهادة الفروع، ثم رجعوا عن الشهادة، ضمنوا ولو رجع شهود الأصل، لم يضمنوا، ذكره القاضي؛ لأنه لم يلجئوا الحاكم إلى الحكم، ويحتمل أن يضمنوا؛ لأنهم سبب في الحكم، فيضمنوا كالمزكيين، وشهود الإحصان.
فصل
وإذا شهد الشهود بحد فزكاهم اثنان، فبان أنهم ممن لا تقبل شهادتهم، لفسق، أو كفر، فالضمان على المزكيين، لأنهم شهدوا بشهادة زور أفضت إلى الحكم، فلزمهم الضمان، كالشهود إذا رجعوا عن الشهادة، ولا شيء على الشهود؛ لأنهم يقولون: شهدنا بحق، ولا على الحاكم؛ لأن المزكيين ألجآه إلى الحكم، وقال القاضي: الضمان عليه؛ لأنه فرط في الحكم بمن لا يجوز الحكم بشهادته، ولا شيء على المزكيين؛ لأنهما لم يشهدا بالحق، وقال أبو الخطاب: الضمان على الشهود؛ لأنهم فوتوا الحق على مستحقه بشهادتهم الباطلة، فلزمهم الضمان، كما لو رجعوا عن الشهادة، والأول أصح؛ لأن الحاكم أتى بما عليه، والشهود لم يعترفوا ببطلان شهادتهم، وإنما التفريط من المزكيين، فكان الضمان عليهما.
فإن تبين أن المزكيين فاسقان، أو كافران، فالضمان على الحاكم لتفريطه، وكذلك إن حكم بشهادة فاسقين، أو كافرين، من غير تزكية، فالضمان عليه كذلك، وإن كانت الشهادة بمال، نقض