والثاني: عليهما القود؛ لأن كل واحد منهما مقر بالعمد، وإن قال أحدهما: عمدنا معاً، وقال الآخر: عمدت وأخطأ صاحبي فعلى الأول القود.

وفي الثاني وجهان.

وإن قال: كل واحد منهما عمدت، ولا أدري ما فعل صاحبي فعليهما القود؛ لأننا تبينا وقوعهما عمداً، وإن رجع أحدهما وحده، فحكمه حكم ما لو رجع صاحبه معه.

فصل

إذا شهد خمسة بالزنا على رجل، فقتل ثم رجعوا وقالوا: عمدنا، قتلوا كلهم، وإن قالوا: أخطأنا غرموا الدية أخماساً؛ لأن القتل حصل بقول جميعهم، وإن رجع واحد منهم، وقال: عمدنا اقتص منه، وإن قال: أخطأنا فعليه خمس الدية، لأنه يقر بما لو وافقه أصحابه عليه، لزمهم القود أو قسطه من الدية، فلزمه ذلك وإن لم يوافقوه، كما لو كانوا أربعة، وإن رجع اثنان، فعليهما خمسا الدية، وإن كانوا ثلاثة، فعليهم ثلاثة أخماس الدية؛ لأن الإتلاف حصل بشهادتهم، فأشبه ما لو رجعوا كلهم، وإن شهد أربعة بالزنا واثنان بالإحصان، فقتل، ثم رجعوا عن الشهادة، فالضمان على الجميع؛ لأن القتل حصل بقولهم، فأشبه ما لو شهد الجميع بالزنا.

وفي كيفية الضمان وجهان: أحدهما: توزع الدية على عددهم؛ لأن القتل حصل بجميعهم، أشبه ما لو اتفقت شهادتهم.

والثاني: على شهود الإحصان النصف، وعلى شهود الزنا النصف؛ لأنه قتل بنوعين من البينة، فقسمت الدية عليهما، وإن شهد أربعة بالزنا، واثنان منهم بالإحصان، فعلى الوجه الأول على شهود الإحصان ثلثا الدية، وعلى الآخر ثلاثة أرباعها، ويحتمل أن لا يجب عليهما إلا النصف، لأنهم كأربعة أنفس، جنى اثنان جنايتين، وجنى الآخران أربع جنايات.

فصل

وإن شهدا بمال، ثم رجعا بعد الحكم به، غرماه، ولا يرجع على المحكوم له به سواء كان المال تالفاً، أو قائماً؛ لأنهما حالا بينه وبين ماله بعدوان، فلزمهما الضمان، كما لو غصباه، فإن رجع أحدهما غرم النصف، وإن كانوا ثلاثة، فالضمان بينهم على عددهم، وإن رجع أحدهم، فعليه بقسطه، لما ذكرنا.

وإن شهد رجل وامرأتان، ثم رجعوا، فعلى الرجل النصف، وعلى كل واحدة منهما الربع؛ لأنهما كرجل، وإن شهد رجل وعشر نسوة، ثم رجعوا، فعلى الرجل السدس، وعليهن خمسة أسداس، وإن رجع بعضهم، فعلى الراجع بقسطه، لما ذكرناه، وإن حكم له بشاهد ويمين، ثم رجع الشاهد، فعليه غرامة المال كله في أحد الوجهين؛ لأن الحكم بشهادته، وإنما اليمين مقوية له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015