وما لا فلا؛ لأن الكتاب لا يثبت إلا بتحمل الشهادة من جهة القاضي فكان حكمه، حكم الشهادة على الشهادة.

فصل

ولها أربعة شروط

أحدهما: تعذر شهود الأصل، لموت، أو مرض، أو غيبة، أو خوف، أو غيره؛ لأن شهادة الأصل أقوى؛ لأنها تثبت بنفس الحق وهذه لا تثبته ولأن سماع القاضي منهما متيقن، وصدق شاهدي الفرع عليهما مظنون فلم يقبل الأدنى مع القدرة على الأقوى، وفي قدر الغيبة وجهان: أحدهما: مسافة القصر؛ لأن من دونها في حكم الحاضر، ذكره أبو الخطاب.

والثاني: أن يكون بمكان لا يمكنه الرجوع إلى منزله من يومه؛ لأن في تكليفه الحضور مع ذلك ضرراً، وقد نفاه الله تعالى بقوله: {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} [البقرة: 282] ، وما دون ذلك؛ لا مشقة فيه فوجب حضورهما منه.

والشرط الثاني: أن يتحقق شروط الشهادة، من العدالة، وغيرها، في كل واحد من شهود الأصل والفرع؛ لأن الحكم ينبني على الشهادتين معاً، فإن عدل شهود الفرع شهود الأصل، فشهدوا على شهادتهم وعدالتهم، كفى ذلك؛ لأن شهادتهما بالحق مقبولة، فكذلك في العدالة، وإن لم يشهدوا بعدالتهم، تولى الحاكم ذلك.

الشرط الثالث: أن يعين شهود الفرع شهود الأصل بأسمائهم، وأنسابهم، ولو قالوا: نشهد على شهادة عدلين، لم تقبل؛ لأنهما ربما كانا عدلين عندهما غير عدلين عند الحاكم، ولأنه يتعذر على الخصم جرحهما إذا لم يعرف عينهما.

الشرط الرابع: أن يسترعيه شاهد الأصل الشهادة، فيقول: اشهد على شهادتي، آني أشهد لفلان على فلان بكذا، أو أقر عندي بكذا، نص عليه، ولو سمع رجلاً يقول: أشهد أن لفلان على فلان كذا، لم يجز أن يشهد به؛ لأنه يحتمل أنه أراد أن له ذلك عليه من وعد، فلم يجز أن يشهد مع الاحتمال بخلاف ما إذا استرعاه؛ لأنه لا يسترعيه إلا على واجب، وإن سمعه يسترعي غيره، جاز أن يشهد به كذلك، ويحتمل ألا يجوز؛ لأن في الشهادة على الشهادة معنى النيابة، فلا ينوب عنه إلا بأذنه، وإن سمعه يشهد عند الحاكم، أو سمعه يشهد بحق يعزيه إلى سببه كقوله: أشهد أن لفلان على فلان ألفاً، من ثمن مبيع، ففيه روايتان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015