فصل:
وإن تداعيا عيناً في يديهما، وأقام كل واحد منهما بينة أنها ملكه، تعارضتا، وقسمت العين بينهما نصفين، لما روى أبو موسى: «أن رجلين اختصما إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بعير، فأقام كل واحد منهما شاهدين، فقضى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالبعير بينهما نصفين» . رواه أبو داود؛ ولأن بينة الداخل أو الخارج مقدمة، فكل واحد خارج في نصفها، داخل في نصفها الآخر، فقدمت بينته في أحد النصفين. وهل يلزم اليمين كل واحد منهما في النصف المحكوم له به؟ فيه روايتان:
إحداهما: لا يلزم، لما ذكرنا.
والثانية: تجب اليمين؛ لأن البينتين تساوتا فتساقطتا، فصارا كمن لا بينة لهما.
وذكر أبو الخطاب رواية أخرى: أنه يقرع بينهما، فمن خرجت له القرعة، حلف وأخذها؛ لأنهما لما تساويا وجب المصير إلى القرعة، كالعبيد في العتق؛ والأول أولى؛ للخبر والمعنى.
فصل:
وإن تداعيا عيناً في يد غيرهما، فاعترف أنه لا يملكها، وأقام كل واحد منهما البينة أنها له، ففيه ثلاث روايات:
إحداهن: تسقط البينتان، ويقرع بينهما، فمن خرجت له القرعة، حلف أنها له وسلمت إليه؛ لأنهما تساويا من غير ترجيح بيد ولا غيرها، فوجب أن يسقطا، كالنصين ويصار إلى القرعة، كالعبيد إذا تساووا. وقد روى الشافعي حديثاً رفعه إلى ابن المسيب «أن رجلين اختصما إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أمر، وجاء كل واحد منهما بشهود عدول على عدة واحدة، فأسهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينهما» .
والثانية: تقسم العين بينهما، لحديث أبي موسى؛ لأنهما تساويا في الدعوى والبينة واليد، فوجب أن تقسم العين بينهما، كما لو كانت في أيديهما.
والثالثة: يقرع بينهما، فمن قرع صاحبه، أخذها بغير يمين؛ لأن القرعة أوجبت العمل بإحدى البينتين، ولا حاجة إلى اليمين مع البينة.
فصل:
وإذا ادعى عيناً في يد إنسان، فأقر بها لغيره وصدقه المقر له، حكم له؛ لأنه مصدق فيما بيده، وقد صدقه المقر له، فصار كصاحب اليد، وتنتقل الخصومة إليه، وعلى المقر اليمين لأنه لا يعلم أنها للمدعي لأنه لو أقر بها له، لزمه غرمها، ومن لزمه