ويحتمل أن لا يحبس؛ لأن الأصل براءة ذمته. وإن شهد له واحد، فسأله حبسه حتى يقيم له شاهداً آخر، ففيه وجهان:

أحدهما: يحبس كما لو جهل عدالة الشهود.

والثاني: لا يحبس؛ لأن البينة لم تتم.

فصل:

وإن علم الحاكم الحال، لم يجز أن يحكم بعلمه، في حد ولا غيره، في ظاهر المذهب، لما روي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه تداعى عنده رجلان، فقال له أحدهما: أنت شاهدي، فقال: إن شئتما شهدت ولم أحكم، أو أحكم ولا أشهد. وقال أبو بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لو رأيت رجلاً على حد، لم أحده حتى تقوم البينة عندي؛ ولأنه متهم في الحكم بعلمه، فلم يجز، كالحكم لولده. وعنه: يجوز له الحكم بعلمه سواء علمه في ولايته أو قبلها، «ولأن هنداً قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني لي ولولدي. فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» فقضى بعلمه؛ ولأنه حق علمه، فجاز الحكم به، كالتعديل والجرح، وكما لو ثبت بالبينة.

فصل:

وإن كان للمدعي شاهد واحد عدل، في المال، أو ما يقصد به المال، حلف المدعي مع شهادته، وحكم له به؛ «لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قضى بشاهد ويمين» . رواه مسلم.

فإن أبى أن يحلف، وقال: أريد يمين المدعى عليه أحلفناه. فإن نكل المدعى عليه، قضي عليه. ومن قال: ترد اليمين، فهل ترد هاهنا؟ يحتمل وجهين:

أحدهما: لا ترد؛ لأنها كانت في جنبته، وقد أسقطها بنكوله عنها، وصارت في جنبة غيره، فلم تعد إليه، كالمدعى عليه إذا نكل عن اليمين، فردت على المدعي، فنكل عنها.

والثاني: ترد عليه؛ لأن هذه غير اليمين الأولى؛ ولأن سبب الأولى قوة جنبة المدعي بالشاهد. وسبب الثانية نكول المدعى عليه، فسقوط إحداهما لا يوجب سقوط الأخرى. فإن سكت المدعى عليه، فلم ينكر ولم يقر، حبسه الحاكم حتى يجيب، ولم يجعله بذلك ناكلاً. ذكره القاضي في المجرد. وذكر أبو الخطاب أن الحاكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015