الثامن: أن يكون سميعاً ليسمع الدعوى، والإنكار، والبينة، والإقرار.

التاسع: أن يكون بصيراً، ليعرف المدعي من المدعى عليه، والمقر من المقر له، والشاهد من المشهود عليه.

العاشر: أن يكون مجتهداً، وهو العالم بطرق الأحكام، لما روي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «القضاة ثلاثة واحد في الجنة، واثنان في النار. فأما الذي في الجنة، فرجل عرف الحق فقضى به، فهو في الجنة. ورجل عرف الحق فحكم فجار في الحكم، فهو في النار. ورجل قضى للناس على جهل، فهو في النار» . رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه؛ ولأنه إذا لم يجز أن يفتي الناس وهو لا يلزمهم الحكم، فلئلا يقضي بينهم وهو يلزمهم الحكم أولى. ولا يشترط كونه كاتباً؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سيد الحكام، وهو أمي. وقيل: يشترط؛ ليعلم ما يكتبه كاتبه، فيأمن تحريفه.

فصل:

ينبغي أن يكون قوياً من غير عنف، لئلا يطمع فيه الظالم، فينبسط عليه. ليناً من غير ضعف، لئلا يهابه صاحب الحق، فلا يتمكن من استيفاء حجته بين يديه. حليماً ذا أناة وفطنة ويقظة، لا يؤتى من غفلة ولا يخدع لغرة. ذا ورع وعفة، ونزاهة، وصدق. قال علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لا ينبغي للقاضي أن يكون قاضياً حتى يكون فيه خمس خصال: عفيف، حليم، عالم بما كان قبله، يستشير ذوي الألباب، لا يخاف في الله لومة لائم.

فصل:

ولا تصح ولاية القضاة إلا بتولية الإمام، أو من فوض إليه الإمام؛ لأنه من المصالح العظام، فلم يصح إلا من جهة الإمام، كعقد الذمة. ومن شرط صحة التولية، معرفة المولي للمولى، وأنه على صفة تصلح للقضاء. فإن كان يعرفه، وإلا سأل عنه، فإذا علم ذلك ولاه.

وألفاظ التولية تنقسم إلى صريح وكناية، فصريحها سبعة: وليتك الحكم، وقلدتك، واستنبتك، واستخلفتك، ورددت إليك الحكم، وفوضت إليك، وجعلت إليك، فإذا أتى بواحدة منها واتصل بها القبول، انعقدت الولاية.

وأما الكناية، فهي أربعة: اعتمدت عليك في الحكم، وعولت عليك، ووكلت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015