الحق، فإن فلسه الحاكم، وألزمه فراقه، فهو كالمكره وإن لم يلزمه فراقه، ففارقه، حنث؛ لأنه فارقه اختياراً، وإن أبرأه، ثم فارقه وكان لفظه: لا فارقتك ولي قبلك حق، لم يحنث. وإن قال: حتى أستوفي حقي منك، حنث. والفراق: ما عده الناس فراقاً، كالفرقة في البيع، وغيره.
فصل:
ومن حلف ليضربنه عشرة أسواط، فجمعها، وضربه بها ضربة واحدة، لم يبر؛ لأن السوط أقيم مقام المصدر، تقديره: عشر ضربات بسوط، ولذلك لم يلزمه الضرب بعشرة أسواط، ولا يبر إلا بضرب يؤلم؛ لأن هذا في العرف يقصد به التأليم، فانصرفت اليمين إليه، كما لو صرح به. فإن مات المحلوف عليه قبل ضربه، أو حلف ليشربن ماء، فتبدد، أو مات الحالف بعد إمكان الفعل، حنث؛ لأنه فاته المحلوف عليه بعد الإمكان، فحنث كما لو حلف ليحجن العام ففاته الحج، وإن تلف المحلوف عليه قبل الإمكان، حنث لما ذكرنا. ويتخرج ألا يحنث؛ لأنه عجز بغير فعله. أشبه المكره. وإن حلف ليضربنه في غد. فمات العبد اليوم، ففيه الوجهان. وإن مات الحالف اليوم، فلا حنث عليه؛ لأنه لم يفته فعله في وقته إلا بعد خروجه عن أهلية التكليف. وإن ضربه اليوم لم يبر. وقال القاضي: يبر كما لو حلف ليقضينه حقه غداً، فقضاه اليوم. والأول أصح؛ لأنه لم يفعل المحلوف في وقته، أشبه ما لو حلف ليصومن يوم الخميس، فصام الأربعاء. ويفارق قضاء الحق؛ لأنه يراد به ألا يتجاوز الوقت. وإن لم يبين وقت الضرب ولم ينوه، لم يحنث حتى يموت أحدهما؛ لأنه لا يفوته المحلوف عليه إلا به، بدليل قَوْله تَعَالَى: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} [سبأ: 3] . وهو حق وصدق ولم يأت بعد.
فصل:
إذا حلف ليفعلن شيئاً، لم يبر إلا بفعل جميعه. وإن حلف لا يفعله، ففعل بعضه. ففيه روايتان:
إحداهما: لا يحنث؛ لأنه لا يبر بفعل البعض، فلا يحنث بفعله، كما لو نوى الجميع.
والثانية: يحنث؛ لأن اليمين على الترك تقتضي المنع من فعله، فاقتضت المنع من فعل البعض، كالنهي، واليمين على الفعل يقتضي فعل الكل، كالأمر، وإذا حلف لا يأكل رغيفاً، فأكل بعضه، أو لا يكلم زيداً وعمراً، فكلم أحدهما، أو لا يدخل داراً،