إحداهما: يكون يمينا كذلك؛ ولأن اللام إن كانت للتعريف، صرفته إلى عهد الله وميثاقه، وإن كانت للاستغراق، دخل ذلك فيه.

والثانية: لا كفارة فيه؛ لأنه يحتمل غير ما تجب به الكفارة.

فصل:

وحروف القسم ثلاثة: الباء وهي الأصل تدخل على المُظهَر والمضمر، والواو وهي بدل منها، تدخل على المظهر وحده، والتاء وهي بدل من الواو. وتدخل على اسم الله تعالى وحده، فبأيها أقسم كان قسما صحيحا. وإن أقسم بغير حرف، فقال: الله لأقومن، بالنصب، أو الجر - كان صحيحا؛ لأنه لغة صحيحة. وقد ورد به عرف الاستعمال في الشرع. قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لركانة بن عبد يزيد: «الله ما أردت إلا واحدة، قال: الله ما أردت إلا واحدة» . فإن قال: الله - بالرفع - لأقومن، ونوى اليمين، كان يمينا مع لحنه، وإن لم يرد اليمين لم يكن يمينا؛ لأنه لم يأت بالموضوع، ولا قصده. وقال أبو الخطاب: يكون يمينا، إلا أن يكون من أهل العربية. وإن قال: لاها الله، ونوى اليمين، كان يمينا؛ لأن أبا بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال في سلب قتيل أبي قتادة: لاها الله، إذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله، يقاتل عن الله وعن رسوله، فيعطيك سلبه، وإن قال: أشهد بالله، أو أقسم بالله أو أحلف بالله، أو أقسمت بالله، أو شهدت بالله، ونوى اليمين، أو أطلق، كان يمينا؛ لأنه قد ثبت له عرف الشرع والاستعمال. فإن قصد بذلك الخبر عما يفعله ثانيا، أو عما فعله ماضيا، لم يكن يمينا. وكذلك القول في: أعزم بالله، وعزمت بالله، في ظاهر كلام الخرقي. وقال أبو بكر: إن أطلق، لم يكن يمينا؛ لأنه لم يثبت له عرف الشرع ولا الاستعمال. وإن قال: قسما بالله، أو ألية بالله، فهو يمين؛ لأن تقديره: أقسمت قسما، وآليت ألية. فإن قال: أقسمت، أو آليت، أو حلفت، أو شهدت لأفعلن، ونوى اليمين بالله - فهو يمين؛ لأنه نوى ما يحتمله مما هو يمين. وإن أطلق، ففيه روايتان:

إحداهما: هو يمين؛ لأنه ثبت له عرف الشرع والاستعمال، «فإن أبا بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: أقسمت عليك يا رسول الله لتخبرني بما أصبت مما أخطأت، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لا تقسم يا أبا بكر» .

وقالت عاتكة بنت زيد بن عمرو:

آليت لا تنفك عيني حزينة ... عليك ولا ينفك جلدي أغبرا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015