وقال القاضي: هو أن يريد أن يقول: والله، فيجري على لسانه: لا والله، أو عكس ذلك.

والثاني: أن يحلف على شيء، يظنه كما حلف، فيتبين بخلافه. وعنه: في هذا النوع الكفارة؛ لأن ظاهر حديث عائشة حصر اللغو في النوع الأول، وظاهر المذهب الأول؛ لأن هذا يمين على ماض فلم يوجب الكفارة، كالغموس.

الضرب الثالث: يمين الغموس، وهي التي يحلفها كاذبا، عالما بكذبه، فلا كفارة فيها في ظاهر المذهب؛ لأنها يمين غير منعقدة لا توجب برا، ولا يمكن فيها فلم توجب كفارة، كاللغو. وقد روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «خمس من الكبائر لا كفارة لهن» ، ذكر منهن: «الحلف على يمين فاجرة يقتطع بها مال امرئ مسلم» .

وعن أحمد: أن الكفارة تجب فيها؛ لأنه حالف مخالف مع القصد، فلزمته الكفارة كالحالف على مستقبل.

الضرب الرابع: أن يحلف على مستحيل، كصوم أمس، والجمع بين الضدين، وشرب ماء إناء لا ماء فيه، فلا كفارة فيها؛ لأنها غير منعقدة، لعدم تصور البر فيها، كيمين الغموس. وقال القاضي: قياس المذهب أن تجب فيها الكفارة؛ لأنها يمين على مستقبل. وإن حلف على مستحيل عادة، كإحياء الميت، وقلب الأعيان، فقال القاضي وأبو الخطاب: فيها كفارة؛ لأنه متوهم التصور. وقياس المذهب أنها كالتي قبلها؛ لأنها لا توجب برا، ولا يمكن فيها.

فصل:

فإن استثنى عقيب يمينه، فقال: إن شاء الله، لم يحنث، لما روى عن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: من حلف فقال إن شاء الله - لم يحنث» ، رواه أبو داود؛ لأنه علق المحلوف عليه بشرط يلزم من وجوده وجوده، ومن عدمه عدمه، فلم يتصور الحنث فيها. ويشترط أن يكون متصلا باليمين، ولا يفصل بينهما بكلام أجنبي، ولا سكوت يمكن الكلام فيه؛ لأن الاستثناء من تمام الكلام، فاعتبر اتصاله به كالشرط وخبر المبتدأ. وعنه: يجوز الاستثناء ما لم يطل الفصل، لما روى ابن عباس «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: لأغزون قريشا، ثم سكت، ثم قال: إن شاء الله» رواه أبو داود.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015