فصل:

ويلزمهم التميز عن المسلمين في أربعة أشياء: لباسهم، وشعورهم، وركوبهم، وكناهم؛ لما روى إسماعيل بن عياش، عن غير واحد من أهل العلم قالوا: كتب أهل الجزيرة إلى عبد الرحمن بن غنم: إنا شرطنا على أنفسنا أن لا نتشبه بالمسلمين في لبس قلنسوة، ولا عمامة، ولا نعلين، ولا فرق شعر، ولا في مراكبهم، ولا نتكلم بكلامهم، وأن لا نتكنى بكناهم، وأن نجز مقادم رءوسنا، ولا نفرق نواصينا، ونشد الزنانير في أوساطنا، ولا ننقش خواتيمنا بالعربية ولا نركب السروج، ولا نتخذ شيئا من السلاح ولا نحمله، ولا نتقلد السيوف. وذكر سائره. رواه الخلال بإسناده.

وذكر في آخره: فكتب بذلك عبد الرحمن بن غنم إلى عمر بن الخطاب، فكتب إليه عمر: أن أمض لهم ما سألوا. فيجعلون فيما يظهر من ثيابهم ثوبا يخالف لونه لون سائر ثيابهم، كالعسلي والأدكن، والأزرق، والأصفر. ويشدون الزنانير في أوساطهم فوق ثيابهم، وإن لبسوا العمائم، أو القلانس، جعلوا فيها خرقة تخالف لونها، ويختم في رقاب رجالهم ونسائهم خواتيم من رصاص، أو حديد، ليتميزوا في الحمام عن المسلمين. وتأخذ نساؤهم بالغيار والزنار تحت ثيابهن، لئلا تنكشف رءوسهن إن شددنه فوق ثيابهن، لما روي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه كتب إلى أهل الآفاق: مروا نساء أهل الأديان أن يعقدن زنانيرهن. وإن لبسن الخفاف، جعلن الخفين من لونين، ليتميزن عن نساء المسلمين. فإن شرط عليهم الجمع بين الزنار والغيار، أخذوا به. وإن شرط أحدهما، اكتفي به، ولا يمنعون من لبس فاخر الثياب، والطيلسان؛ لأن التمييز حصل بما ذكرناه. وأما التميز في الشعور، فبأن يحذفوا مقاديم رءوسهم، ولا يفرقون شعورهم؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فرق شعره.

وأما التميز في الركوب، فلا يركبون الخيل؛ لأن ركوبها عز، ولهم ركوب ما سواها على غير السروج، وروي عن ابن عمر: أن عمر أمر أن يركبوا عرضا على الأكف بالعرض، ولا يتكنون بكنى المسلمين، كأبي القاسم، وأبي بكر، وأبي عبد الله، ونحوها، ولا يمنعون من الكنى بالكلية؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لأسقف نجران: «أسلم أبا الحارث» ، وقال عمر لنصراني: يا أبا حسان، أسلم تسلم. ذكرهما أحمد.

فصل:

ولا يتصدرون في المجالس عند المسلمين؛ لأن في كتابهم لعبد الرحمن بن غنم: وأن نوقر المسلمين في مجالسهم، ونرشد الطريق، ونقوم لهم عن المجالس إذا أرادوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015