لا بحال غيره؛ لأنه حكم يختلف باختلاف الحال، فاعتبر بحاله، كالزكاة. فإن كان في أثناء الحول، أخذ في آخر الحول بقدر ما أدرك منه، لئلا تختلف أحوالهم، فيشق ضبطها. ومن كان يجن ويفيق إفاقة مضبوطة، كيوم ويوم، أو نصف الحول ونصفه، ففيه وجهان:
أحدهما: يعتبر بالأغلب منهما؛ لأن الاعتبار في الأصول بالأغلب.
والثاني: تلفق إفاقته، فإذا بلغ حولا، أخذت الجزية، فإن كان سواء، ففيه وجهان:
أحدهما: يؤخذ في كل حول نصف جزية؛ لأن الجزية تؤخذ في كل حول، فيؤخذ منه بقدر ما عليه.
والثاني: تلفق إفاقته، فإذا بلغت حولا، أخذت منه؛ لأن حوله لا يكمل إلا حينئذ.
فصل:
وإذا كان في الحصن نساء أو من لا جزية عليه، فطلبوا عقد الذمة بغير جزية، أجيبوا إليها؛ لأنهم محقونون بدونها. وإن بذلوا جزية، أخبروا أنه لا جزية عليهم، فإن تبرعوا بها، كانت هبة، متى امتنعوا منهم، لم يحوجوا إليها.
فصل:
وتجب الجزية في آخر كل حول؛ لأنه مال يتكرر بتكرر كل الحول، فوجب في آخره، كالزكاة، والدية. فإن جن قبل انقضائه جنونا مطبقا، أو مات أو أسلم، فلا جزية عليه؛ لأنه خرج عن أهلية الوجوب قبل الوجوب فلم يجب عليه، كما لو مات بعض العاقلة قبل الحول، وإن جن أو مات بعد الحول، لم تسقط عنه؛ لأنه دين وجب عليه في حياته، فأشبه العقل ودين الآدمي. وإن أسلم بعد الحول، سقطت عنه، لما روى ابن عباس أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «ليس على المسلم جزية» رواه الخلال. وقال أحمد: قد روي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: إن أخذها في كفه، ثم أسلم، ردها. وروى أبو عبيد: أن يهوديا أسلم، فطولب بالجزية، وقيل: إنما أسلمت تعوذا، قال: إن في الإسلام معاذا، فرفع إلى عمر، فقال: إن في الإسلام معاذا، فكتب أن لا تؤخذ منه الجزية؛ ولأن الجزية عقوبة تجب بسبب الكفر، فيسقطها الإسلام، كالقتل. وإن اجتمعت على الذمي جزية سنين، أخذت منه، ولم تتداخل؛ لأن الحق مالي يجب في آخر كل حول، فلم تتداخل، كالدية والزكاة.