لقول عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الغنيمة لمن حضر الوقعة. قال القاضي: هذا إذا كان قصدهم الجهاد، ويقاتلون إذا احتيج إليهم وأمكنهم، وكذلك من يكري دابته. ومن لم يكن كذلك، لم يسهم له؛ لأنه لا نفع في حضوره، أشبه المخذل.
فصل:
وإذا لحق الجيش مدد، أو أسير أفلت، أو فودي به قبل انقضاء الحرب، أسهم لهم، وإن كان بعد انقضاء الحرب وحيازة الغنيمة لم يسهم لهم، لقول عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الغنيمة لمن شهد الوقعة. ولما روى أبو هريرة «أن أبان بن سعيد وأصحابه قدم على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بخيبر بعد أن فتحها، فقال: اقسم لنا يا رسول الله، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اجلس يا أبان ولم يقسم له» . رواه أبو داود؛ ولأنهم إذا قدموا قبل انقضاء الحرب، فقد شاركوا الغانمين في السبب، فشاركوهم في الاستحقاق، كما لو قدموا قبل الحرب. وإذا قدموا بعد ذلك، فلا شيء لهم؛ لأنهم لم يشاركوهم في السبب ولأنهم حضروا بعد أن صارت الغنيمة للغانمين، فأشبه ما لو حضروا بعد القسمة. وإن حضروا بعد تقضي الحرب، وقبل إحراز الغنيمة، فظاهر كلام الخرقي أنهم يشاركونهم؛ لأن الغنيمة تملك بحيازتها، والاستيلاء عليها، ولا يتم إلا بحيازتها، وظاهر قول القاضي: أنهم لا يشاركونهم؛ لأنه ذكر أن الغنيمة تملك بتقضي الحرب قبل الحيازة؛ لأنها صارت مقدورا عليها بإزالة يد الكفار عنها، فأشبه ما بعد الحيازة، وإن حازها الغانمون، ثم جاءهم الكفار يقاتلونهم عليها فأدركهم المدد، فقاتلوا معهم حتى سلموا الغنيمة، فنص أحمد: أنه لا شيء للمدد؛ لأن الأولين ملكوها، والمدد يقاتلون عن الغانمين بعد ملكهم للغنيمة، فأشبهت سائر أموالهم، وإن استنقذها الكفار من أيديهم، ثم جاءهم المدد، فقاتلوا معهم حتى استنقذوها، فقال أحمد: أعجب إلي أن يصطلحوا.
فصل:
وإذا غزا الأمير بجيش، فأسرى سرية، أو سرايا إلى جهة مقصده، أو غيره، فغنمت، شاركهم الجيش وإن غنم الجيش، شارك سراياه؛ لأنه يروى أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين هزم هوازن بحنين، أسرى قبل أوطاس سرية، فغنمت، فقسم غنائمهم بين الجميع. وفي تنفيل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السرية الثلث والربع، دليل على مقاسمة الجيش لها الباقي؛ ولأن الجميع جيش واحد، فلم يختص بعضهم بغنيمة، كأحد جانبي الجيش، وإن بعث السرايا، وأقام الجيش في بلد الإسلام، فلكل سرية غنيمتها؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعث السرايا من المدينة، فلم يشاركهم أهل المدينة في غنائمهم. وإن خلف الأمير قوما في بلد