إحداهما: لا سهم له؛ لأنه من غير أهل الجهاد، فلم يسهم له، كالعبد. فعلى هذا يرضخ له كالعبد.

والثانية: يسهم له. اختارها الخرقي، لما روى سعيد بإسناده عن الزهري «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استعان بناس من اليهود في حربه، فأسهم لهم» . وروي «أن صفوان بن أمية خرج مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم حنين وهو على شركه، فأسهم له» ؛ ولأن الكفر نقص دين، فلم يمنع استحقاق السهم كالفسق.

فصل:

ومن استؤجر على الجهاد من غير أهل القتال، كالكافر والعبد، لم يستحق غير الأجرة. وهكذا الأجير للخدمة، والذي يكري دابته. فأما المسلم الحر إذا استؤجر للجهاد، فقال القاضي: لا يصح استئجاره؛ لأن الغزو يتعين بحضوره على من هو من أهله، فلا يصح أن يفعله عن غيره، كالحج. فعلى هذا: يرد الأجرة وله سهمه؛ لأن غزوه بغير أجرة. وظاهر كلام أحمد والخرقي صحة الإجارة لمن لم يتعين عليه الجهاد؛ لأنه مما لا يختص فاعله أن يكون من أهل القربة، فجاز استئجار الحر المسلم عليه، كبناء المساجد؛ ولأن ما صحت إجارة العبد والكافر عليه، صح إجارة الحر المسلم عليه، كالبناء. فعلى هذا إذا حضر القتال، فظاهر نص أحمد والخرقي أنه لا يسهم له، لما روى «يعلى بن منية أنه استأجر أجيرا يكفيه من الغزو، قال: فسميت له ثلاثة دنانير، فلما حضرت غنيمة، أردت أن أجري له سهمه، فذكرت الدنانير، فجئت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكرت له أمره، فقال: ما أجد له في غزوته هذه في الدنيا والآخرة إلا دنانيره التي سمى» رواه أبو داود؛ ولأن غزوه بعوض، فكأنه واقع من غيره، فلم يثبت له حكمه وفائدته، كما له حج عن غيره. واستحقاق الغنيمة من أحكامه وفوائده، وروي عن أحمد أنه يسهم له. قال الخلال: وهو الذي أعتمد عليه من قول أبي عبد الله، لما روى عبد الله بن عمرو أن رسول الله قال: «للغازي أجره، وللجاعل أجره وأجر الغازي» . رواه أبو داود. وعن جبير بن نفير قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مثل الذين يغزون عن أمتي، ويأخذون الجعل، ويتقوون به على عدوهم مثل أم موسى ترضع ولدها وتأخذ أجرها» . رواه سعيد؛ ولأنه حاضر للوقعة من أهل القتال، فأشبه أهل الديوان.

فأما التاجر والصانع وأشباههما، فيسهم لهم إذا حضروا القتال، نص عليه أحمد،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015