إحداهما: لا يسترقون، ذكره القاضي؛ لأنهم أسلموا قبل استرقاقهم، فأشبه ما لو أسلموا قبل القدرة عليهم.

والثانية: يسترقون؛ لأنهم أسلموا بعد القدرة عليهم، ووجوب قتلهم، فأشبهوا الأسير إذا أسلم بعد اختيار الإمام قتله.

فصل:

ومن أسلم قبل القدرة عليه، عصم نفسه وماله، وأولاده الصغار، للخبر المذكور.

ولأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حاصر بني قريظة، فأسلم ابنا سبيعة، فأحرز إسلامهما أموالهما وأولادهما؛ ولأن الأولاد تبع لوالدهما في الإسلام، فكذلك في العصمة. وإن كان للمسلم منفعة بإجارة، لم تملك عليه؛ لأنها مال. ولا يعصم زوجته؛ لأن النكاح ليس بمال. ولا يجري مجراه، وإن كانت حاملا منه، فولده مسلم معصوم. ويجوز استرقاقها؛ لأنها حربية، لا أمان لها ولا يعصم أولاده البالغين؛ لأنهم لا يتبعونه في دينه فكذلك في عصمته. وإذا ادعى الأسير أنه أسلم قبل الأسر. لم يقبل إلا ببينة. فإن شهد له مسلم وحلف معه، ثبت ذلك له؛ لأن ابن مسعود شهد لسهيل بن بيضاء أنه سمعه يذكر الإسلام، فقبل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شهادته وأطلقه من الأسر.

فصل:

ومن أسلم من الأبوين، كان أولاده الأصاغر تبعا له في الإسلام، رجلا كان أو امرأة، لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21] ، ويتبعه الحمل؛ لأنه لا يصح إسلامه بنفسه، فتبعه كالولد. وإن لم يسلم واحد منهما، فولدهما كافر؛ لأنه لا حكم لنفسه، فتبع أبويه، كولد المسلم. فإن مات الأبوان أو أحدهما في دار الإسلام، حكم بإسلام الولد، لما روى أبو هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه» فجعل التبعية لأبويه معا. فإذا مات أحدهما، انقطعت التبعية، فوجب بقاؤه على حكم الفطرة؛ ولأن الدار يغلب فيها حكم الإسلام، بدليل الحكم بإسلام لقيطها. وإنما منع ظهور حكمها اتباعه لأبويه، فإذا مات أحدهما، اختل المانع، فظهر حكم الدار. والحكم في المجنون الذي يبلغ مجنونا، كالحكم في الصبي؛ لأنه لا حكم لقوله، فتبع في الإسلام كالطفل؛ ولأنه يتبع والديه في الكفر، ففي الإسلام أولى؛ وإن بلغ عاقلا ثم جن، ففيه وجهان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015