كل من ثبتت إمامته، حرم الخروج عليه وقتاله، سواء ثبتت بإجماع المسلمين عليه، كإمامة أبي بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أو بعهد الإمام الذي قبله إليه، كعهد أبي بكر إلى عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، أو بقهره للناس حتى أذعنوا له ودعوه إماما، كعبد الملك بن مروان؛ لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] ، وروى أبو ذر، وأبو هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات، فميتته جاهلية» رواه مسلم من حديث أبي هريرة.
فصل
والخارجون على الإمام على ثلاثة أقسام: قسم لا تأويل لهم، فهؤلاء قطاع طريق، نذكر حكمهم فيما بعد إن شاء الله، وكذلك إن كان لهم تأويل، لكنهم عدد يسير لا منعة عندهم، وقال أبو بكر: هم بغاة؛ لأن لهم تأويلًا، فأشبه العدد الكثير.
والأول: أصح؛ لأن عليًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لم يجر ابن ملجم مجرى البغاة، ولأن هذا يفضي إلى إهدار أموال الناس.
القسم الثاني: الخوارج الذين يكفرون أهل الحق وأصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويستحلون دماء المسلمين، فذهب فقهاء أصحابنا إلى أن حكمهم حكم البغاة؛ لأن عليًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال في الحرورية: لا تبدءوهم بالقتال، وأجراهم مجرى البغاة، وكذلك عمر بن عبد العزيز - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وذهبت طائفة من أهل الحديث إلى أنهم كفار،