الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقولوا: إن الله أذن لرسوله، ولن يأذن لكم، وإنما أذن لي ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم، كحرمتها بالأمس، فليبلغ الشاهد الغائب» متفق عليه. ولا يبايع، ولا يشارى، ولا يطعم، ولا يؤوى، ويقال له: اتق الله، واخرج إلى الحل. فإذا خرج استوفي منه؛ لأن ابن عباس قال ذلك، ولأن في إطعامه تمكينًا في تضييع الحق الذي عليه، ولا فرق بين القتل وغيره من العقوبات. وروى حنبل عنه: أن الحدود كلها تقام في الحرم، إلا القتل؛ لأن حرمة النفس أعظم. والمذهب: الأول. قال أبو بكر: انفرد حنبل عن عمه بهذه الرواية. ولأن ما حرم النفس، حرم الطرف كالعاصم، فإن خالف واستوفى في الحرم، أساء ووقع الموقع، كما لو استوفى من غير حضرة السلطان. ومن جنى في الحرم، جاز الاستيفاء منه في الحرم؛ لأنه انتهك حرمته، فلم ينتهض عاصمًا له، ولأن أهل الحرم، يحتاجون إلى الزجر عن الجنايات، رعاية لحفظ مصالحهم، كحاجة غيرهم، فوجب أن تشرع الزواجر في حقهم.
وهو مستحب لقول الله تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} [المائدة: 45] . ومن وجب له القصاص، فله أن يقتص، وله أن يعفو عنه مطلقًا إلى غير بدل، وله أن يعفو على المال، لقول الله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 178] أوجب الاتباع والأداء بمجرد العفو. وروى أبو شريح الكعبي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «ثم أنتم يا خزاعة، قد قتلتم هذا القتيل من هذيل، وأنا والله عاقله، فمن قتل بعده قتيلًا، فأهله بين خيرتين، إن أحبوا قتلوا، وإن أحبوا أخذوا الدية» . رواه أبو داود. وإذا عفا عن القصاص، أو عن بعضه، سقط كله؛ لأنه حق مبناه على الإسقاط لا يتبعض. فإذا سقط بعضه، سقط جميعه، كالرق، وإن وجب لجماعة فعفا بعضهم، سقط كله، لما روى زيد بن وهب، أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أتي برجل قتل قتيلًا، فجاء ورثة المقتول ليقتلوه، فقالت امرأة المقتول، وهي أخت القاتل: