له أن يقتص من دونه؛ لأنه أمكنه استيفاء حقه من موضعه، فلم يجز أن يستوفي من غيره. وإن قطعت يده من العضد، أو الساعد، لم يجز الاقتصاص من موضع القطع، بغير خلاف؛ لأنه لا يأمن الزيادة. وهل له أن يقتص من مفصل دونه؟ فيه وجهان:
أحدهما: ليس له ذلك، اختاره أبو بكر، لما روى نمران بن جارية عن أبيه: «أن رجلًا ضرب رجلًا على ساعده بالسيف، فقطعها من غير مفصل، فاستدعى عليه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأمر له بالدية، فقال: إني أريد القصاص: قال: خذ الدية بارك الله لك فيها ولم يقض له بالقصاص» . رواه ابن ماجه، ولأنه يقتص من غير محل الجناية، فلم يجز. كما لو أمكن القصاص من محل الجناية.
والثاني: له أن يقتص، اختاره بعض أصحابنا. فإذا قطعت من الساعد، فله أن يقتص من الكوع. وإن قطعت من العضد، فله أن يقتص من المرفق؛ لأنه عجز عن استيفاء حقه، وأمكنه أخذ دونه، فجاز، كما لو جرحه مأمومة، فأراد أن يقتص موضحة. وفي أخذ الحكومة للباقي وجهان. وإذا قطعت يده من العضد، لم يملك أن يقطع من الكوع؛ لأنه أمكنه استيفاء الذراع قصاصًا، فلم يكن له قطع ما دونه، كما لو قطع من المرفق. وإن قطعها من الكتف، فقال أهل الخبرة. يمكن الاقتصاص من غير جائفة، فله ذلك؛ لأنه مفصل، وليس له أن يقتص مما دونه، وإن قالوا: نخاف الجائفة، فلا قصاص منها؛ لأنها يخاف الزيادة. وفي الاقتصاص من المرفق وجهان. وحكم الرجل في القصاص من مفاصلها، من القدم والركبة والورك حكم اليد، سواء على ما بينا.
فصل:
ولا تؤخذ صحيحة بشلاء؛ لأنها فوق حقه، فأما الشلاء بالصحيحة، أو بالشلاء، فإن قال أهل الخبرة: لا يخاف عليه، اقتص؛ لأنه يأخذ حقه، أو دونه ولا أرش بالشلل؛ لأن الشلاء كالصحيحة في الخلقة، وإنما نقصت في الصفة، فأشبه الذمي مع المسلم، وإن قالوا: إن قطعت، خيف ألا تنسد العروق، ويدخل الهواء البدن فيفسد، لم يجز أن يقتص، لخوف الزيادة.
فصل:
ولا تؤخذ كاملة بناقصة. فلا تؤخذ ذات أظفار بما لا أظفار لها. ولا ذات خمس أصابع، بذات أربع. ولا بذات خمس بعضها أشل؛ لأنه أكثر من حقه. وهل له أن يقطع