لأنه استحق إبانته ولم يفعل، والحكم في السن، كالحكم في الأذن، فيما ذكرنا.
فصل في السن بالسن: وتؤخذ السن بالسن، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} [المائدة: 45] ولحديث الربيع، ولأنه محدود في نفسه يمكن القصاص فيه، فوجب كالأذن، ولا تؤخذ صحيحة بمكسورة، وتؤخذ المكسورة بالصحيحة. وفي الأرش للباقي وجهان. وإن كسر بعض السن، برد من سن الجاني مثله، يقدر بالأجزاء، إلا أن يتوهم انقلاعها أو سوادها، فيسقط القصاص؛ لأن توهم الزيادة، يسقط القصاص. كقطع اليد من غير مفصل. ولا يقتص الحال، كالشعر، وإن مات قبل اليأس من عودها، فلا قصاص، لعدم تحقق الإتلاف، فلا يجوز استيفاؤه مع الشك. فإن لم تعد، ويئس من عودها، وجب القصاص؛ لأن ذلك حصل بالجناية، وإن يئس من عودها فاقتص، أو اقتص من سن كبير، فنبت له مكانها، فعليه دية سن الجاني؛ لأنه قلع سنًا بغير سن، فإن نبتت سن الجاني أيضًا، أو قلع النابتة للمجني عليه، فلا شيء لواحد منهما. وإن نبتت سن الجاني دون المجني عليه، فله قلعها؛ لأنه أعدم سنه على الدوام، فملك أن يفعل به ذلك، ويحتمل ألا يملكه؛ لأنه قلعت له سن، فلا يملك قلع سنين.
فصل:
وتؤخذ الشفة بالشفة، وهي: ما جاوز حد الذقن والخدين علوًا وسفلًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] . ولأنها تنتهي إلى حد معلوم يمكن القصاص فيه، فوجب كالأنف. ويؤخذ البعض بالبعض، يقدر بالأجزاء، كبعض المارن.
فصل:
ويؤخذ اللسان باللسان، للآية، والمعنى، وبعضه ببعضه، لما ذكرنا. ولا يؤخذ أخرس بناطق؛ لأنه أكثر من حقه. ويؤخذ الأخرس بالناطق؛ لأنه دون حقه، ولا أرش معه؛ لأن التفاوت في المعنى، لا في الأجزاء. ويؤخذ لسان الفصيح بلسان الألثغ، ولسان الصغير، كما يؤخذ الكبير الصحيح بالطفل المريض.
فصل:
وتؤخذ اليد باليد، والرجل بالرجل، وكل إصبع بمثلها، وكل أنملة بمثلها، للآية، والمعنى. فإن قطع يده من الكوع، أو المرفق، فله أن يقتص من موضع القطع. وليس