وقال القاضي: حكمه حكم الممسك للقتل على ما سنذكره؛ لأنه أمسكه بربطه حتى قتلته.
فصل:
القسم السادس: سقاه سمًا مكرهًا، أو خلطه بطعامه، أو بطعام قدمه إليه، أو أهداه إليه، فأكله غير عالم بحاله، ففيه القود، لما روي «أن يهودية أهدت لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بخيبر شاة مصلية، فأكل منها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه، ثم قال: ارفعوها، فإنها قد أخبرتني أنها مسمومة فأرسل إلى اليهودية فقال: ما حملك على ما صنعت؟ فقالت: إن كنت نبيًا، لم يضرك، وإن كنت ملكًا، أرحت الناس منك. فأكل منها بشر بن البراء بن معرور، فمات، فأرسل إليها فقتلها» ، رواه أبو داود. ولأنه يقتل غالبًا، أشبه القتل بالسلاح. وإن خلطه بطعام، وتركه في بيت نفسه، فدخل رجل فأكل فمات، فلا قود؛ لأنه عمد قتل نفسه، فأشبه ما لو قدم إليه سكينًا، فقتل بها نفسه، وإن ادعى ساقي السم أنه لم يعلم أنه يقتل، ففيه وجهان:
أحدهما: عليه القود؛ لأن السم يقتل غالبًا.
والثاني: لا قود فيه؛ لأنه يجوز خفاء ذلك عليه، فتكون شبهة يسقط بها القود.
فصل:
القسم السابع: قتله بسحر يقتل غالبًا، ففيه القود؛ لأنه يقتل غالبًا، أشبه السكين. وإن كان مما لا يقتل غالبًا، فهو خطأ العمد. وإن ادعى الجهل بكونه يقتل غالبًا، وكان مما يجوز خفاؤه عليه فيه، فلا قود عليه؛ لأنه يخل بمتحض العمد.
فصل:
القسم الثامن: حبسه ومنعه الطعام والشراب مدة يموت في مثلها غالبًا، فمات، ففيه القود؛ لأنه يقتل غالبًا، وإن كانت المدة لا يموت فيها غالبًا، فهو شبه عمد. وإن حبسه على ساحل بحر في مكان يزيد عليه الماء غالبًا زيادة تقتله، فمات منه، ففيه القود؛ لأنه يقتل غالبًا. وإن كانت الزيادة غير معلومة، فهو شبه عمد. وإن أمسكه لرجل ليقتله فقتله، ففيه روايتان:
إحداهما: عليه القصاص؛ لأنه تسبب إلى قتله بما يقتل غالبًا، فأشبه شهود القصاص إذا رجعوا.