فصل:
ولا يقتل مسلم بكافر، لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ولا يقتل مسلم بكافر» رواه النسائي. ووافقه على آخره البخاري.
ولا يقتل حر بعبد، لقول الله تعالى: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [البقرة: 178] فيدل على أنه لا يقتل به الحر. وروي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: «من السنة ألا يقتل حر بعبد» ، وإن قتل ذمي حر عبدًا مسلمًا، فعليه قيمته، ويقتل لنقضه العهد.
فصل:
والاعتبار في التكافؤ بحالة الوجوب؛ لأنه عقوبة على جناية، فاعتبرت بحالة الوجوب، كالحد. فلو قتل ذمي ذميًا، ثم أسلم القاتل، أو جرح ذمي ذميًا، ثم أسلم الجارح، ومات المجروح، أو قتل عبد عبدًا، أو جرحه، ثم عتق الجارح، ومات المجروح، وجب القصاص؛ لأنهما متكافئان حال الجناية، ولأن القصاص قد وجب، فلا يسقط بما طرأ، كما لو جن.
وإن جرح مسلم ذميًا، أو حر عبدًا، ثم أسلم المجروح، وعتق ومات، لم يجب القصاص، لعدم التكافؤ حال الوجوب. وإن قطع مسلم أو ذمي يد مرتد، أو حربي، ثم أسلم، ومات، فلا قود ولا دية؛ لأنه لم يجن على معصوم. وإن قطع مسلم يد مسلم، فارتد المجروح ومات، فلا قصاص في النفس؛ لأنه حال الموت مباح الدم، وفي اليد وجهان:
أحدهما: يجب القصاص فيها؛ لأن التكافؤ بينهما موجود في حال قطعها.
والثاني: لا قصاص فيها؛ لأننا تبينا أن قطعها، قبل، ولم يوجب القتل، فلا يوجب غيره، ولأن الطرف تابع للنفس، فسقط تبعًا لسقوط القصاص فيها. وإن جرح مسلم مسلمًا، فارتد المجروح، ثم أسلم ومات، وجب القصاص، نص عليه؛ لأنهما متكافئان حال الجناية والموت، أشبه ما لو لم يرتد. وذكر القاضي وجهًا آخر أنه إن كان زمن الردة مما تسري فيه الجناية، فلا قصاص؛ لأن السراية في حال الردة لا توجب،