من الإبل» . رواه أبو داود. ولأنه لم يقصد القتل، فلا تجب عقوبته، كما لا يجب حد الزنا بوطء الشبهة.
فصل:
يشترط لوجوب القصاص أربعة شروط: أحدها: العمد، لما ذكرنا.
والثاني: كون القاتل مكلفًا، فلا يجب على صبي، ولا مجنون، ولا نائم، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ» . ولأنه عقوبة مغلظة، فلم تجب عليهم، كالحد. فإن وجب عليه القصاص، ثم جن، لم يسقط؛ لأنه حق لآدمي، فلم يسقط بجنونه، كسائر الحقوق.
فصل:
الثالث: أن يكون المقتول مكافئًا للقاتل، وهو أن يساويه في الدين والحرية. أو الرق، فيقتل الحر المسلم بالحر المسلم، ذكرًا كان أو أنثى، ويقتل العبد المسلم، بالعبد المسلم، ذكرًا كان أو أنثى، تساوت قيمتاهما، أو اختلفتا. وعنه: لا يجري القصاص بين العبيد، إلا أن تتساوى قيمتهم؛ لأنه بدل مال، فيعتبر فيه التساوي، كالقيمة، والأول: الصحيح، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى} [البقرة: 178] ولأنه قصاص، فلا يعتبر فيه التساوي في القيمة، كالأحرار. وعن أحمد: أن الرجل إذا قتل بالمرأة، يدفع إليه نصف ديته؛ لأن ديتها نصف ديته، والمذهب خلاف هذا، لما روى عمرو بن حزم «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كتب إلى أهل اليمن: أن الرجل يقتل بالمرأة» . رواه النسائي. ولأنه قصاص واجب، فلم يوجب رد شيء، كقتل الجماعة بالواحد.
ويقتل الحر الذمي بالحر الذمي. والعبد الذمي بمثله؛ لأنهم تساووا، فأشبهوا المسلمين، ويقتل الذمي بالمسلم، والعبد بالحر، والأنثى بالذكر، والمرتد بالذمي؛ لأنه إذا قتل بمثله، فبمن هو أعلى منه أولى.