فصل:
وليس لها الخروج للحج؛ لأنه لا يفوت، والعدة تفوت، فإن خرجت للحج، فمات زوجها وهي قريبة، رجعت؛ لأنها في حكم الإقامة. وإن تباعدت، مضت في سفرها؛ لأن عليها في الرجوع مشقة فلم يلزمها، كما لو كان أكثر من ثلاثة أيام. قال القاضي: حج البعيد: ما تقصر فيه الصلاة؛ لأن ما دونه في حكم الحضر، وإن خافت في الرجوع، مضت في سفرها ولو كانت قريبة؛ لأن عليها ضررًا في الرجوع. وإن أحرمت بحج أو عمرة في حياة زوجها في بلدها، ثم مات وخافت فواته، مضت فيه؛ لأنه أسبق. فإذا استويا في خوف الفوت، كان أحق بالتقديم. وإن لم تخف فوته، مضت في العدة في منزلها؛ لأنه أمكن الجمع بين الواجبين، فلزمها ذلك. وإن أحرمت بعد موته، لزمتها الإقامة؛ لأن العدة أسبق.
فصل:
إذا أذن لها في السفر لغير نقلة، فخرجت، ثم مات، فحكمه حكم الخروج للحج سواء. وإن كان لنقلة فمات بعد مفارقة البنيان، فهي مخيرة بين البلدين؛ لأنه ليس واحد منهما مسكنًا لها، لخروجها منتقلة عن الأول، وعدم وصولها إلى الثاني. ويحتمل أن يلزمها المضي إلى الثاني؛ لأنها مأمورة بالإقامة والسكنى، والأول بخلافه، وهذا ضعيف جدًا؛ لأن فيه إلزامها السفر مع مشقته، ومؤنته، وإبعادها عن أهلها ووطنها، وربما لم يكن لها محرم سوى زوجها الذي مات، وسفرها بغير محرم حرام، ولا يحصل من سفرها فائدة، ولا حكمة؛ لأن حكمة الاعتداد في منزلها، سترها، وصيانتها لزوم منزلها، وسفرها تبذيل لها وإبراز لها، فهو محصل لضد المقصود، سيما إذا لم يكن معها من يحفظها، ومقامها في البلد الذي يسافر إليه عند الغرباء بين غير أهلها في غير مسكنه، أشد لهلكتها، ثم تحتاج إلى الرجوع وكلفته، وهذا فيه من القبح ما يصان الشرع منه، والله أعلم. وإن وجبت العدة بعد وصولها إلى مقصدها وسفرها لنقلة، لزمها الإقامة به، وتعتد؛ لأنه صار كالوطن الذي تجب العدة فيه. وإن كان لقضاء حاجة، فلها الإقامة إلى أن تقضي حاجتها. وإن كان لزيارة، أو نزهة وقد قدر لها مدة الإقامة، أقامت ما قدر لها؛ لأنه مأذون فيه. وإن لم يقدر لها مدة، فلها إقامة ثلاثة أيام؛ لأنه لم يأذن لها في المقام على الدوام. ثم إن علمت أنه لا يمكنها الوصول قبل فراغ عدتها، لم يلزمها