إحداهما: لا سكنى لها؛ لأن المال انتقل إلى الورثة، فلم تستحق عليهم السكنى، كما لو كانت حائلًا.
والثانية: لها السكنى، لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: 240] . ولأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر فريعة بنت مالك، بالاعتداد في المنزل الذي أسكنها فيه زوجها. فإذا قلنا: لا سكنى لها، فتبرع الوارث بإسكانها، أو تبرع غيره بتمكينها من السكنى في منزلها، إما بأداء أجرتها، أو غير ذلك، لزمها السكنى به. وإن لم يوجد ذلك، سكنت حيث شاءت. وإن قلنا: لها السكنى، فهي أحق بمسكنها من الورثة والغرماء، ولا يباع في دينه حتى تنقضي عدتها؛ لأنه حقها تعلق بعينه، فقدمت على سائر الغرماء، كالمرتهن. وإن تعذر ذلك المسكن، أو كان المسكن لغير الميت، استؤجر لها من مال الميت، ويضرب بقدر أجرته مع الغرماء، إن لم يف ماله بدينه، فإن كانت عدتها بالحمل، ضربت بأقل مدته؛ لأنه اليقين. فإن وضعت لأقل من ذلك، ردت الفضل على الغرماء. وإن وضعت لأكثر منه، رجعت عليهم بالنقص، كما ترد عليهم الفضل. ويحتمل أن لا ترجع عليهم بشيء؛ لأننا قدرنا ذلك لها مع تجويز الزيادة، فلم ترد عليه.
فصل:
ولهم إخراجها لطول لسانها، وأذاها لأحمائها بالسب، لقول الله تعالى: {وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1] . فسره ابن عباس بما ذكرنا. وإن بذئ عليها أهل زوجها، نقلوا عنها؛ لأن الضرر منهم.
فصل:
وليس لها الخروج من منزلها ليلًا، ولها الخروج نهارًا لحوائجها، لما روى مجاهد قال: «استشهد رجال يوم أحد، فجاء نساؤهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقلن: يا رسول الله إنا نستوحش بالليل، أفنبيت عند إحدانا حتى إذا أصبحنا، بادرنا إلى بيوتنا؟ فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: تحدثن عند إحداكن ما بدا لكن، فإن أردتن النوم، فلتؤب كل امرأة إلى بيتها» ، ولأن الليل مظنة الفساد، فلم يجز لها الخروج لغير ضرورة.