من ارتفع حيضها، ولم تدر ما رفعه. ولو ولدت ولم تر دمًا قبل الولادة، ولا بعدها، ففيه الوجهان، بناء على ما تقدم. فأما المستحاضة، فإن كان لها حيض محكوم به بعادة أو تمييز، فمتى مرت لها ثلاثة قروء، انقضت عدتها؛ لأنه حيض محكوم به، أشبه غير المستحاضة. وإن كانت ممن لا عادة لها ولا تمييز، إما مبتدأة، وإما ناسية متحيرة، ففيها روايتان:

إحداهما: عدتها ثلاثة أشهر؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر حمنة ابنة جحش: أن تجلس من كل شهر ستة أيام أو سبعة، فجعل لها حيضة في كل شهر؛ لأننا نحكم لها بحيضة في كل شهر تترك فيها الصلاة والصوم، فيجب أن تنقضي العدة به.

والثانية: تعتد سنة؛ لأنها لم تتيقن بها حيضًا مع أنها من ذوات الأقراء، فأشبهت التي ارتفع حيضها، والأول أولى.

فصل:

فإذا عتقت الأمة بعد قضاء عدتها، لم يلزمها زيادة عليها؛ لأن عدتها انقضت، فأشبهت الصغيرة إذا حاضت بعد انقضاء عدتها بالأشهر، وإن عتقت في عدتها وكانت رجعية، أتمت عدتها عدة حرة؛ لأن الرجعية زوجة وقد عتقت في الزوجية، فلزمتها عدة حرة، كما لو عتقت قبل الشروع فيها. وإن كانت بائنًا، أتمت عدة الأمة؛ لأنها عتقت بعد البينونة، أشبهت المعتقة بعد عدتها.

فصل:

وإن مات زوج المعتدة الرجعية، فعليها عدة الوفاة تستأنفها من حين الموت، وتنقطع عدة الطلاق؛ لأنها زوجة متوفى عنها، فتدخل في عموم قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] . وإن كانت بائنًا غير وارثة لكونها مطلقة في صحته، بنت على عدة الطلاق؛ لأنها أجنبية من نكاحه وميراثه، فلم يلزمها، الاعتداد من وفاته، كما لو انقضت عدتها قبل موته، وعلى قياس هذا: المطلقة في المرض التي لا ترث، كالذمية والأمة والمختلعة، وزوجة العبد؛ لأنها غير وارثة. وإن كانت وارثة كالحرة المسلمة، يطلقها زوجها الحر في مرض موته، فعليها أطول الأجلين من ثلاثة قروء، أو أربعة أشهر وعشر؛ لأنها مطلقة بائن، فتدخل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015