الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - اتفقوا على أن عدة الأمة المطلقة: نصف عدة الحرة، فيجب أن تكون عدة المتوفى عنها نصف عدة الحرة، وهو ما ذكرنا. ومن نصفها حر، فعدتها بالحساب من عدة حرة وعدة أمة، وذلك ثلاثة أشهر وثمان ليال، لأن نصف عدة الحرة شهران وخمس ليال، ونصف عدة الأمة شهر وثلاثة ليال.
فصل:
النوع الثالث: ذات القروء إذا ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه، فعدتها سنة، تسعة أشهر تتربص فيها ليعلم براءتها من الحمل؛ لأنها غالب مدته، ثم تعتد بعد ذلك ثلاثة أشهر. وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هذا قضاء عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بين المهاجرين والأنصار، لا ينكره منكر علمناه، فصار إجماعًا. فإن حاضت قبل انقضاء السنة ولو بلحظة، لزمها الانتقال إلى القروء؛ لأنها الأصل، فبطل حكم البدل، كالمتيمم إذا رأى الماء. وإن عاد الحيض بعد انقضاء السنة وتزوجها، لم تعد إلى الأقراء؛ لأننا حكمنا بانقضاء عدتها وصحة نكاحها، فلم تبطل، كما لو حاضت الصغيرة بعد اعتدادها وتزوجها. وإن حاضت بعد السنة وقبل تزوجها، ففيه وجهان:
أحدهما: لا عدة عليها كذلك.
والثاني: عليها العدة؛ لأنها من ذوات القروء، وقد قدرت على المبدل قبل تعلق حق الزوج بها، فلزمها العود، كما لو حاضت في السنة. وإن كانت أمة، تربصت تسعة أشهر للحمل؛ لأن مدته للحرة والأمة سواء، وتضم إلى ذلك عدة الأمة على ما ذكرنا من الخلاف فيها. وإن شرعت في الحيض، ثم ارتفع حيضها قبل قضاء عدتها، لم تنقض عدتها إلا بعد سنة من وقت انقطاع الحيض؛ لأنها لا تنبني إحدى العدتين على الأخرى، ولو عرفت ما رفع الحيض من المرض أو الرضاع ونحوه، لم تزل في عدة حتى يعود الحيض فتعتد به؛ لأنها من ذوات القروء، والعارض الذي منع الدم يزول، فانتظر زواله، إلا أن تصير آيسة، فتعتد ثلاثة أشهر من وقت أن تصير في عداد الآيسات.
فصل:
إذا أتى على الجارية سن تحيض فيه النساء غالبًا، كخمسة عشر، فلم تحض، فعدتها ثلاثة أشهر في إحدى الروايتين، لظاهر قول الله تعالى: {وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] . والأخرى عدتها سنة؛ لأنه أتى عليها زمن الحيض، فلم تحض، فأشبهت