الهريسة، فإذا قلنا: يجزئه، اعتبر أن يكون من مد بر فصاعداً، فإن أخذ مد حنطة فطحنه وخبزه، أجزأه. وقال الخرقي: لكل مسكين رطلا خبز؛ لأن الغالب أنهما لا يكونان إلا من مد فأكثر، وفي السويق وجهان، بناء على الروايتين في الخبز، ولا تجزئ الهريسة والكبولاء؛ لأنه خرج عن الاقتيات المعتاد، ولا القيمة؛ لأنه أحد ما يكفر به، فلم تجزئ القيمة فيه، كالعتق.
فصل:
ولا يجوز صرفها إلا إلى الفقراء، والمساكين؛ لأنهما صنف واحد في غير الزكاة، ولا يجوز دفعها إلى غني، وإن كان من أصناف الزكاة؛ لأن الله تعالى، خص بها المساكين، ولا إلى مكاتب كذلك، وقال الشريف أبو جعفر: يجوز دفعها إليه؛ لأنه يأخذ من الزكاة لحاجته، فأشبه المسكين، والأول أولى؛ لأن الله تعالى خص بها المساكين، والمكاتب صنف آخر، فأشبه المؤلفة. ولا يجوز دفعها إلى من لا يجوز دفع الزكاة إليه، كالعبد والكافر، ومن تلزمه مؤنته لما ذكرنا في الزكاة. وخرج أبو الخطاب وجهاً آخر، في جواز الدفع إلى الكافر، بناء على عتقه، ولا يصح؛ لأنه كافر، فلم يجز الدفع إليه كالمستأمن.
فصل: ولا تجزئ كفارة إلا بالنية، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» ولأنه حق يجب على سبيل الطهرة، فافتقر إلى النية كالزكاة، فإن كانت عليه كفارات من جنس، لم يلزمه تعيين سببها، وإن كانت من أجناس، فكذلك؛ لأنها كفارات، فلم يجب تعيين سببها، كما لو كانت من جنس، وقال القاضي: يحتمل أن يلزمه تعيين سببها؛ لأنها عبادات من أجناس، فوجب تعيين النية لها، كأنواع الصيام، فلو كانت عليه كفارة لا يعلم سببها، فأعتق رقبة، أجزأه على الوجه الأول، وعلى الوجه الثاني، ينبغي أن تلزمه كفارات بعدد الأسباب، كما لو نسي صلاة من يوم لا يعلم عينها، ولا يلزم نية التتابع في الصيام؛ لأن العبادة هي الصوم، والتتابع شرط فيه، فلم تجب نيته، كالاستقبال في الصلاة.
فصل:
وإن كان المظاهر كافراً، كفر بالعتق والإطعام؛ لأنه يصح منه من غير الكفارة، فصح منه فيها، ولا يكفر بالصوم؛ لأنه لا يصح منه في غيرها، فكذلك فيها، وإن أسلم