فهو مؤل. وإن نوى جماعاً ضعيفاً لا يزيد على تغييب الحشفة، فليس بمؤل؛ لأن الضعيف كالقوي في الحكم.
فصل:
الشرط الثالث: أن يكون الحالف زوجاً مكلفاً، قادراً على الوطء في الجملة، وقد ذكرنا ذلك.
الشرط الرابع: أن يحلف على مدة تزيد على أربعة أشهر. فإن حلف على أربعة فما دونها، لم يكن مؤلياً، حراً كان أو عبداً، من حرة أو أمة لقول الله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] . فدل على أنه لا يكون مؤلياً بما دونها، ولأن المطالبة بالطلاق والفيئة، إنما تكون بعدها، فلا تصح المطالبة من غير إيلاء، فإذا قال: والله لا وطئتك، كان مؤلياً؛ لأنه يقتضي التأبيد. وكذلك إن قال: حتى تموتي أو أموت؛ لأنه للتأبيد. وكذلك إن علقه على مستحيل فقال: حتى تطيري، ويشيب الغراب، ويبيض القار؛ لأن معناه التأبيد. قال الله تعالى: {وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40] . أي: لا يلج الجمل في سم الخياط، أي: لا يدخلونها، أبداً، وإن علقه على فعل يقين، أو يغلب على ظنه، أنه لا يوجد في أربعة أشهر، كقيام الساعة، وخروج الدجال، ونزول عيسى من السماء، أو موت زيد، فهو مؤل؛ لأنه لا يوجد في أربعة أشهر ظاهراً، فأشبه ما لو صرح به. وإن قال: والله لا وطئتك حتى تحبلي، فهو مؤل؛ لأنها لا تحبل من غير وطئه، فهو كالحلف على ترك الوطء دائماً، وقال القاضي: إن كانت ممن يحبل مثلها، لم يكن مؤلياً، ولا أعلم لهذا وجهاً؛ لأنه لا يمكن حملها، من غير وطء.
وإن قال: أردت بـ " حتى " السببية، أي لا أطؤك لتحبلي، قبل منه؛ لأنه يحتمل ما قاله، ولا يكون مؤلياً؛ لأنه يمكن وطؤها لغير ذلك.
وإن علقه على ما يعلم وجوده قبل أربعة أشهر، كجفاف بقل، أو ما يغلب على الطن وجوده قبلها، كنزول الغيث في أوانه، وقدوم الحاج في زمانه، أو ما يحتمل الأمرين على السواء، كقدوم زيد من سفر قريب، لم يكن مؤلياً؛ لأنه لم يغلب على الظن وجود الشرط، فلا يثبت حكمه.
وإن قال: والله ليطولن تركي لجماعك، ونوى مدة الإيلاء، فهو مؤل، وإلا فلا. وإن قال: والله لأسوأنك، ولتطولن غيبتي عنك، ونوى ترك الجماع في مدة الإيلاء، فهو مؤل؛ لأنه عنى بلفظه ما يحتمله، وإلا فلا، وإن قال: والله لا وطئتك طاهراً، أو وطأ مباحاً، فهو مؤل لأنه حلف على ترك الوطء الذي يطالب به في الفيئة، فكان مؤلياً، كما لو قال: والله لا وطئتك إلا في الدبر.