إحداهما: لا يكون مؤلياً؛ لأن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال في تفسير الآية: يحلفون بالله. هكذا ذكره الإمام أحمد، ولأنه لم يحلف بالله. فلم يكن مؤلياً، كالحالف بالكعبة.
والثانية: يكون مؤلياً؛ لأنها يمين يلزم بالحنث فيها حق، فيصح الإيلاء بها، كاليمين بالله تعالى. وقال أبو بكر: ما أوجب الكفارة، كالحرام، كان به مؤلياً، وما لا كفارة فيه، كالطلاق والعتاق، لم يكن به مؤلياً، ولا يختلف المذهب أنه لا يكون مؤلياً بما لا يلزمه به حق، كقوله: إن وطئتك، فأنت زانية؛ لأنه لا يصح تعليق القذف بشرط، فلا يلزمها بالوطء حق، فلا يكون مؤلياً. ولو قال: إن وطئتك، فعلي صوم أمس، أو صوم هذا الشهر، لم يصح؛ لأنه يصير عند وجوب الفيئة ماضياً، ولا يصح نذر الماضي.
وإن قال: إن وطئتك، فسالم حر عن ظهاري، صار مؤلياً؛ لأنه يلزمه بالوطء حق، وهو تعيين عتق سالم. وإن قال: إن وطئتك فسالم حر عن ظهاري، إن تظاهرت، لم يكن مؤلياً في الحال؛ لأنه يمكنه الوطء بغير حق يلزمه. وإن تظاهر، صار مؤلياً؛ لأنه لا يمكنه الوطء، إلا بحق يلزمه.
فصل:
الشرط الثاني: أن يحلف على ترك الوطء بالفرج؛ لأنه الذي يحصل الضرر به. وإن حلف على ترك الوطء في الدبر، أو دون الفرج، فليس بمؤل؛ لأنه لا ضرر فيه. وألفاظ الإيلاء تنقسم ثلاثة أقسام:
أحدها: صريح في الظاهر والباطن، وهي قوله: والله لا آتيك، أو لا أدخل، أو أغيب، أو أولج ذكري، أو حشفتي، أو لا أفتضك، للبكر خاصة، فهذه صريحة ولا يدين فيها؛ لأنها لا تحتمل غير الإيلاء.
والقسم الثاني: صريحة في الحكم، ويدين فيها. وهي عشرة ألفاظ: لا وطئتك، لا جامعتك، لا أصبتك، لا باشرتك، لا مسستك، لا قربتك، لا أتيتك، لا باضعتك، لا باعلتك، لا اغتسلت منك، فهذه صريحة في الحكم؛ لأنها تستعمل في الوطء عرفا، وقد ورد الكتاب والسنة ببعضها، فلا يقبل تفسيرها بما يحيله، كوطء القدم، والإصابة باليد، ويدين فيما بينه وبين الله تعالى؛ لأنه يحتمل ما قاله.
القسم الثالث: كناية وهو: ما عدا هذه الألفاظ، مما يحتمل الجماع وغيره، كقوله: لأسوأنك، ولا دخلت عليك، لا جمع رأسي ورأسك شيء، فهذا لا يكون مؤلياً بها، إلا بالنية؛ لأنها ليست ظاهرة في الجماع، فلم يحمل عليه إلا بالنية، ككنايات الطلاق فيه. فإن قال: والله لا جامعتك إلا جماع سوء، ونوى به الجماع في الدبر، أو دون الفرج،