وحكي عن أبي بكر: أنها تطلق. وإن قال: أنت طالق إن شاءت البهيمة، فهو تعليق للطلاق على المستحيل. وإن قال: أنت طالق لمشيئة أبيك، أو رضاه، طلقت في الحال؛ لأن معناه: ليرضى، أو لكونه شاء، فإن قال: أردت تعليقه بذلك، قبل منه؛ لأن ذلك يستعمل للشرط في قوله: أنت طالق للسنة.
فإن قال: أنت طالق إلا أن تشائي، فشاءت في الحال، لم تطلق، وإن لم تشأ، طلقت؛ لأنه أوقعه عليها، إلا أن ترفعه مشيئتها، فإذا لم يوجد ما يرفعه، وقع. وإن قال: أنت طالق واحدة، إلا أن تشائي ثلاثاً، فشاءت ثلاثاً، طلقت ثلاثاً، وإن لم تشأ، أو شاءت دون الثلاث، وقعت واحدة؛ لأن هذا هو السابق إلى الفهم من ذلك.
وفيه وجه آخر أنها إذا شاءت ثلاثاً، لم تطلق؛ لأنه علق وقوع الواحدة على عدم مشيئتها الثلاث، ولم يوقع لمشيئتها شيئاً، فأشبه قوله: إلا أن تشائي. وإن قال: أنت طالق إن شئت وشاء أبوك، فشاء أحدهما منفرداً، لم تطلق؛ لأنه لم يوجد الشرط.
فصل:
وإن قال: أنت طالق، إن كنت تحبين أن يعذبك الله بالنار، أو قال: إن كنت تحبين ذلك [بقلبك] ، فقالت: أنا أحب ذلك، ففيه وجهان:
أحدهما: لا تطلق؛ لأنها لا تحب ذلك، وقولها كذب، لا يلتفت إليه.
والثاني: تطلق لأنه لما لم يوقف على ما في القلب، علق على النطق، كالمشيئة.
فصل:
فإن قال: أنت طالق، أو عبدي حر إن شاء الله، طلقت زوجته، وعتق عبده، لما روي عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: إذا قال الرجل لزوجته: أنت طالق إن شاء الله، فهي طالق. ولأنه استثناء يرفع جملة الطلاق حالاً ومآلاً، فلم يصح، كاستثناء الكل. فإن قال: أنت طالق، إن دخلت الدار إن شاء الله، ففيه روايتان:
إحداهما: يقع الطلاق لما ذكرنا، والأخرى: لا يقع؛ لأن الطلاق المعلق بشرط يمين، فيدخل في عموم قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من حلف على يمين، فقال: إن شاء الله، فلا حنث عليه» رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب. وإن قال: أنت طالق، إلا أن يشاء الله، طلقت لما ذكرنا، ولأنه علق رفع الطلاق على مشيئته لا يوقف عليها، وإن قال: أنت طالق ما لم يشأ الله، أو إن لم يشأ الله، طلقت؛ لأنه علقه بمستحيل، فإن