كلمها. وإن قال: إن بدأتك بالكلام، فأنت طالق، فقالت: إن بدأتك الكلام، فعبدي حر، انحلت يمينه بيمينها؛ لأنها كلمته، فلم يكن كلامه لها بعد ذلك بداية، فإن كلمها، انحلت يمينها؛ لأنها لم تبدأه ما لم يكن لهما نية، وإن قال: إن كلمتما هذين الرجلين، فأنتما طالقتان، فكلمت كل واحدة واحداً، ففيه وجهان:
أحدهما: يطلقان؛ لأن تكليمهما وجد منهما.
والثاني: لا يطلقان حتى تكلم كل واحدة الرجلين معاً؛ لأنه علق طلاقهما على فعليهما معاً. ولو قال: إن ركبتما هاتين الدابتين، فأنتما طالقتان، طلقتا إذا ركبت كل واحدة دابة؛ لأن العرف في ركوب دابتيهما، أن يركب كل واحد دابته.
ولو قال: أنت طالق إن كلمت زيداً ومحمد مع خالد، لم تطلق حتى تكلم زيداً في حال يكون محمد مع خالد؛ لأن الجملة حال للجملة الأولى إلا أن يريد بكلامه الاستئناف، فتطلق بكلام زيد بكل حال، وقال القاضي: يحنث بكلام زيد؛ لأن الجملة الثانية استئناف، لا تعلق لها بالأولى. وإن قال: من بشرتني بقدوم أخي، فهي طالق، فأخبره بذلك زوجتاه. وهما صادقتان، طلقت الأولى وحدها؛ لأن البشارة خبر يحصل به سرور أو غم، وإنما تحصل بالأول، وإن كانتا كاذبتين لم تطلق واحدة منهما؛ لأنه لا سرور في الكذب.
وإن كانت الأولى كاذبة، والثانية صادقة، طلقت الثانية وحدها لذلك. وإن قال: من أخبرتني بقدوم أخي فهي طالق، فقال القاضي: هي كالتي قبلها سواء؛ لأن المراد من الخبر الإعلام، ولا يحصل إلا بالخبر الأول الصدق. ويحتمل أن تطلق الثانية والكاذبة؛ لأن الخبر يقع على الجميع.
فصل:
إذا قال: أنت طالق إن شئت، أو متى شئت، أو غير ذلك من الحروف، فقالت: قد شئت طلقت، سواء شاءت على الفور، أو التراخي؛ لأنه تعليق للطلاق على شرط، فأشبه سائر التعليق. وإن قالت: قد شئت إن شئت، أو إن شاء أبي، لم تطلق وإن شاء؛ لأنها لم تشأ، إنما علقت مشيئتها بمشيئته، كما لو قالت: قد شئت إذا طلعت الشمس. ولو قال: أنت طالق إن شاء زيد، فشاء وهو مجنون أو طفل، لم تطلق؛ لأنه لا مشيئة لهما، وكذلك إن شاء وهو سكران، وخرجه أصحابنا على روايتين في طلاقه، وإن شاء وهو مميز، طلقت؛ لأن له مشيئة، ولذلك صح اختياره لأحد أبويه، وخوطب بالاستئذان في العورات الثلاث. وإن كان أخرس فأومأ بمشيئته، طلقت؛ لأن إشارته كنطق غيره.
وإن كان ناطقاً فخرس فكذلك؛ لأنه من أهل الإشارة، ويحتمل أن لا يحنث؛ لأن إشارته لا يعتد بها في تلك الحال في الشرع. وإن مات أو جن، لم تطلق؛ لأنه لم يشأ