لسودة بنت زمعة: اعتدي، فجعلها طلقة.» متفق عليه. وفي معنى هذه اللفظات: استبرئي رحمك، وحللت للأزواج، وتقنعي، ولا سلطان لي عليك، فيخرج فيها وجهان.
فصل:
فإن قال: أنت علي حرام، ففيه ثلاث روايات:
إحداهن: أنها ظهار، نوى الطلاق أو لم ينوه، ذكره الخرقي؛ لأن ذلك يروى عن عثمان وابن عباس؛ ولأنه صريح في تحريمها فكان ظهارا كقوله: أنت علي كظهر أمي.
والثانية: هو كناية في الطلاق؛ لأنه يروى عن علي وزيد وابن مسعود وأبي هريرة؛ ولأن الطلاق تحريم، فصحت الكناية عنه بالحرام، كقوله: أنت الحرج. فإن لم ينو الطلاق، كان ظهارا، فعلى هذه الروية تكون كناية ظاهرة فيها من الخلاف مثل ما تقدم.
والثالثة: أنه يرجع فيه إلى نيته، إن نوى اليمين كان يمينا؛ لأن ذلك يروى عن الصديق وعمر وعائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -؛ ولأنه تحريم لامرأة فكان يمينا، كتحريم الأمة. وإن قال: أنت علي حرام، أعني به الطلاق، ففيه روايتان:
إحداهما: أنه طلاق، وهي المشهورة؛ لأنه صريح بلفظ الطلاق.
والثانية: هي ظهار؛ لأنه لا يصلح كناية في الطلاق، فلم يصير طلاقا لقوله، أعني به الطلاق، كقوله: أنت علي كظهر أمي. وإن قال: أنت علي كظهر أمي ينوي به الطلاق، كان ظهارا، ولم يقع به الطلاق؛ لأنه صريح في الظهار، فلم يكن كناية في غيره. ولو صرح به فقال: أعني به الطلاق، لم يصر طلاقا؛ لأنه لا تصلح الكناية به.
وإن قال: أنت علي كالميتة والدم ونوى به الطلاق، فهو طلاق؛ لأنه يشبه الطلاق، فصح أن يكنى به عنه. وإن نوى الظهار، كان ظهارا؛ لأنه يشبهه. وإن نوى اليمين، كان يمينا؛ لأنه يشبهها، وإن لم ينو شيئا، ففيه وجهان:
أحدهما: يكون ظاهرا؛ لأن معناه: أنت علي حرام، كالميتة. والآخر يكون يمينا ولا يكون طلاقا؛ لأنه ليس بصريح، فلا يقع الطلاق به من غير نية.