بإزاء الفعل من نحو الحدود والزنا والسرقة.

(فاعتبرت في القود) أي الشبهة التي كانت في محل الفعل وهي شبهة حل القتل اعتبرت في إسقاط القود؛ (لأنه مقابل) أي لأن القود مقابل بالمحل.

ألا ترى أن وجوب القصاص ينافي الدية، والدية بدل المحل، فلو لم يكن القصاص مقابلًا بالمحل لما نافى في الدية؛ لأن اتحاد المحل من شرط المنافاة.

ألا ترى أن المحرم إذا قتل صيدًا مملوكًا لإنسان يجب عليه جزاء الإحرام، ويجب عليه قيمة المقتول، إذ لا تنافي بينهما؛ لأن أحدهما- وهو الكفارة- جزاء الفعل المحض دون المحل بوجه، والقيمة بدل المحل من كل وجه، فلم يتنافيا فلو لم يكن القصاص مقابلًا بالمحل بوجه من الوجوه لأمكن وجوب القصاص والدية جميعًا.

قوله: (من وجه) قيد به؛ لأن القصاص جزاء الفعل في الحقيقة؛ لأنه جزاء القتل، ولهذا يتعدد بتعدد الفاعل، فإن ألف رجل إذا قتلوا رجلًا عمدًا يجب على كل واحد منهم القصاص، ولو كان مقابلًا بالمحل لوجب قصاص واحد كما قلنا في عشرة رجال وهم حلال صيد الحرام يجب جزاء واحد إذ هو بدل المحل، وبيان كونه مقابلًا بالمحل من وجه أن يعتبر في عصمة المحل، ولا يجتمع مع الدم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015