عمدًا؛ لأن في قتله أيضًا تحققت الشبهة حتى لا يجب القصاص بقتله، وإن كان قتله أيضًا محظورًا كما في القتل بالحجر العظيم، والحكم أنه لا تجب الكفارة بقتل المستأمن.

وأجاب عنه بقوله: (لأن الشبهة في محل الفعل)، وتحقيق الجواب هو أن الشبهة في قتل المستأمن في المحل لا في الفعل؛ إذ الفعل عمد محض، فكان معصية محضًا، والكفارة جزاء الفعل الذي هو دائر بين الحظر والإباحة، فلذلك لم يصلح أن يكون هذا الفعل سببًا للكفارة، فكان هذا نظير قتل الأب ابنه بالسيف عمدًا.

وأما عدم وجوب القصاص فيه لا باعتبار شبهة في عله بل باعتبار شبهة في المحل، لأن المستأمن وإن كان حرام التعرض في دار الإسلام وهو في دار الحرب في التقدير حتى يرث هو من أهل الحرب، ولا يستدام سكناه في دار الإسلام، ولا يرث من الذمي وإن كانا في دار الإسلام، ولما كان كذلك لم تقع المماثلة بينه وبين المسلم والذمي، فلذلك لم يجب القصاص؛ لأن القصاص إنما يجب على المسلم والذمي لأجل من هو محصون الدم على التأبيد كالمسلم والذمي؛ لأن القصاص مبني عن المماثلة لغة.

ولهذا يجب القصاص على المستأمن بقتل المستأمن لوجود المماثلة بينهما، وإنما قلنا: إن الكفارة جزاء الفعل؛ لأنها واجبة لله تعالى علينا زجرًا على المباشر، فكانت هي جزاء الفعل المحظور من وجه، ولا تجب بإزاء المحل؛ لأن الواجب بإزاء المحل إنما يجب جبرًا بما يجب جبرانًا، والله تعالى يتعالى عن النقصان والجبران فتجب جزاءً للفعل له كسائر الأجزية الواجبة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015