ألا ترى أن ابن يوم أهل لنفس الوجوب وليس بأهل للزوم الفعل.

وقال الإمام شمس الأئمة السرخسي- رحمه الله- وقلنا نحن: الأداء إنما يجب بالطلب.

ألا ترى أن الريح إذا هبت بثوب إنسان وألقته في حجر غيره والثوب ملك لصاحبه، ولا يجب على من في حجره أداؤه إليه قبل طلبه؛ لأن حصوله في حجره كان بغير صنعه، فكذلك هاهنا الوجوب تسببه كان جبرًا لا صنع للعبد فيه، فإنما يلزمه أداء الواجب عند طلب من له الحق، قد خيره من له الحق في الأداء ما لم يتضيق الوقت. يقرره أن وجوب الأداء لا يتصل بثبوت حكم الوجوب لا محالة، فإن البيع بثمن مؤجل يوجب الثمن في الحال. إذ لو كان وجوب الثمن متأخرًا إلى مضي الأجل لم يصح البيع؛ لأنه حينئذ يكون البيع بلا ثمن.

فعلم أن نفس الوجوب ثابت في الحال، ووجوب الأداء يكون متأخرًا إلى حلول الأجل، فهاهنا أيضًا وجوب الأداء يتأخر إلى توجه المطالبة.

وقوله: (ليس من ضرورة الوجوب تعجل الأداء) أي تعجل وجوب الأداء. هذا تقرير لما ذكرنا من بيان انفصال نفس الوجوب عن وجوب الأداء، وبيان أنهما لا يتلازمان (بل الأداء متراخ) أي بل وجوب الأداء متراخ بدليل ثبوت الثمن والمهر في ذمة ابن يوم، ولا خطاب ولا لزوم للفعل عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015