(لأن الوجوب جبر من الله تعالى بلا اختيار من العبد)، وهذا تعليل لنفي لزوم الأداء في الحال، ولإثبات قوله: أفاد الوجوب بنفسه. بيانه أن أصل وجوب الشيء اشتغال الذمة به، ولا يراد به الفعل في الحال بدليل الوجوب على النائم والمغمى عليه والمجنون إذا انقطع الجنون والإغماء دون يوم وليلة.

ولا يجب الأداء عليهم إذ لو وجب لافتقر إلى القدرة التي يفتقر إليها الفعل، ولا قدرة لهؤلاء ولا فهم، وخطاب من لا يفهم بالأداء قبيح، وهذا لأن نفس الوجوب لشغل الذمة، ووجوب الأداء لتفريغ الذمة.

وتفريغ الذمة يستدعي ثبوت شغل الذمة، إذ تفريغ ما ليس بمشغول محال، فلذلك كان الخطاب بتفريغ الذمة حال تشغل الذمة محالًا كالرفع يقتضي سابقة الوضع، فالرفع حالة الوضع محال.

ولهذا قلنا فيمن قال: أنت طالق مع نكاحك، ثم تزوجها لم تطلق؛ لأن الطلاق رفع القيد والنكاح إثبات القيد، فرفع القيد حال ثبوت القيد محال، بل الرافع إنما يصح حال بقاء القيد، فكذلك هاهنا الخطاب بتفريغ الذمة إنما يصح في حال بقاء الشغل لا حال وجود الشغل.

ونفس الوجوب لما كان لشغل الذمة ولم يرد بها الفعل لم يقتض قدرة؛ لأن القدرة لتحصيل الفعل وليس في نفس الوجوب لزوم الفعل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015