بالرخصة حتى قتل فهو في سعة؛ لأن في هذا إعزاز الدين.

ألا ترى أن محرما لو اضطر إلى ميتة وإلى ذبح صيد حل له عندنا أكل الميتة ولم يحل له ذبح الصيد ما دام يجد الميتة؛ لأن الميتة حلال في الضرورة والصيد جاء تحريمه على المحرم جملة أي لم يجيء فيه نص إحلال في صورة من الصور، فيبقى على حرمته، ومن أبقى الحرام حراما حتى يقتل كان إعزازا للدين الحق فكان شهيدا بخلاف الميتة والخمر حيث جاء نص بإحلالهما على مضطر بالاستثناء عن التحريم.

وأما قوله: فلما ضمن قيمة المال وأداها صار كأنه لم يستهلك، فقلنا: لا كذلك فإن لصاحب المال في عين ماله حقا قويا فليس لغيره أن يتعرض لعين ماله بدون رضاه وإن كان هو مضمونا بقيمته فكان ضمان القيمة وأداؤها هنا بمنزلة ضمان القضاء في إفساد الصلاة المفروضة وقضائها وإفساد صوم رمضان وقضائه، فإنه وإن كان قضاؤهما قائما مقام الأداء كان الصبر على المكره بالإفساد حتى يقتل أفضل له من الإفساد.

إلى هذا أشار في آخره إكراه "المبسوط"، وهذا أيضا مبني على ما ذكرنا قبل هذا من الأصل المذكور من "المبسوط" فإنه لما لم يجيء نص بالإحلال بترك الصلاة المفروضة عن وقتها وترك الصوم المفروض عن وقته كان في الصبر على القتل إعزاز لدين الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015