فإن قلت: على هذا يجب عليك أن تفرق بين ثلاثة أشياء وهي: ترجيح القياس بقياس آخر، والترجيح بغلبة الأشباه، والترجيح بكثرة الأصول، فإن هذه كلها يتراءى أنها عبارة عن معنى واحد فبين أنها هكذا أو هي أشياء متغايرة المعاني متلازقة المباني.
قلت: بلى هي أشياء متغايرة المعاني متلازقة المباني. أما ترجيح القياس بقياس آخر فهو كما أريتكه من ترجيح الشافعي قياسه الأول بالثاني، فلكل واحد من القياسين وصف على حدة وأصل على حدة مع اتحاد الحكم وهو عدم إلحاق الأكل بالوقاع.
(وأما غلبة الأشباه) فهي أن يكون لوصفه أصل واحد، ولكن لذلك الأصل أوصاف جمة تشترك بين المقيس والمقيس عليه، كما قال الشافعي في: أن الأخ لا يعتق بالملك؛ لأن قرابة الأخ قرابة غير الولاد فلا يعتق بالملك كابن العم إذا ملك، وابن العم وهو المقيس عليه واحد لكن له أوصاف جمة يشترك الأخ فيها مع ابن العم على ما ذكر في الكتاب من جواز (وضع الزكاة وحل الحليلة وقبول الشهادة ووجوب القصاص من الطرفين).
وأما الترجيح بكثرة الأصول فهو: أن يؤخذ الترجيح من قوة الوصف بأن