وأما الرابع: أي الرابع من التقسيم الأول المذكور في أول باب الترجيح وهو قوله: (والرابع في الفاسد من وجوه الترجيح) (ترجيح القياس بقياس آخر)؛ لأن كل واحد منهما حجة شرعية لثبوت الحكم بها، فلا يكون إحداهما مرجحة للأخرى بمنزلة زيادة العدد في الشهود، وقد ذكرنا أن ما يصلح علة لا يصلح مرجحا، نظير هذا ما لو علل المعلل من طرف الشافعي في أن صائم رمضان لو أكل أو شرب متعمدا لا تجب الكفارة.
فقال: هذا أكل حرام عليه ناقص الأثر فلا يلحق بالوقاع في الغلظة كما لو وجدا في غير الملك، فإن الأكل هناك غير ملحق بالوقاع في إيجاب الحد فكذلك الأكل هاهنا لا يلحق بالوقاع في إيجاب الكفارة، ولأن كل واحد منهما مفسد للصوم، فلا يلحق هو بالوقاع كما في الحج، فإن الأكل هناك غير ملحق بالوقاع في إفساد الحج فكذلك هاهنا لا يلحق بالوقاع في إيجاب الكفارة.
ثم قال: قياسي الأول يرجح بقياسي الثاني، هذا وأمثاله لا يصح لما قلنا عن القياس علة بنفسه فلا يصلح أن يكون مرجحاً.