أيضًا؛ لأن البلدان النائية من الدنيا لا يعلمها إلى من عاينها أو أخبر بها، فعلى قود كلام منكر الخبر لا يعرف وجودها من لم يعاينها.
(لا تكاد تقع أمورهم إلا مختلفة)، وهذا لأن الله تعالى خلق الخلق أطوارًا على طبائع مختلفة وهمم متباينة يبعثهم ذلك على الاختلاف والتائن أبدًا، والاتفاق بعد ذلك مع الأسباب الموجبة للاختلاف لا يكون إلا بجامع جمعهم على ذلك، وفيه حكمة بالغة، وهي: بقاء أحكام الشرع بعد وفات المسلمين على ما كان عليه في حياتهم، فإن النبوة ختمت برسول الله عليه السلام، وقد كان مبعوثًا إلى الناس كافة وقد أمرنا بالرجوع إليه والتيقن بما يخبر به.
قال الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} وهذا الخطاب يتناول الموجودين في عصره والذين يؤمنون به إلى قيام الساعة، ومعلوم أن الطريق في الرجوع إليه ليس إلا الرجوع إلى ما نقل عنه بالتواتر، فبهذا تبين أن ذلك كالمسموع منه في حياته، وقد قامت الدلالة على أنه كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يتكلم إلا بالحق خصوصًا فيما يرجع إلى بيان الدين، فيثبت بالسماع منه علم اليقين.