جاء الإسلام ووجد الناس يتفاضلون في الخلق والنشأة، ويتميزون في الأحساب والأنساب، ويتقاتلون للحمية والعصبية، ناسين أنهم من أصل واحد ومصدر واحد. فقد كان الهنود البراهميون يقرون التفاضل في القيمة الإنسانية، وأنهم يفضلون غيرهم في ذلك. أما اليونان فقد كانوا يعتقدون أنهم شعب مفضل على سائر الشعوب وأنهم خلقوا من عناصر تختلف عن العناصر التي خلقت منها الشعوب الأخرى، التي أطلقوا عليها اسم البربر. وأما الرومان فقد نصوا في كتبهم أن غير الرومان مجردون من جميع ما يتمتع به الرومان من حقوق، وأنه لم يخلق غيرهم إلا ليكون رقيقا للرومان. وأما اليهود فقد اعتقدوا أنهم شعب الله المختار، وأن الكنعانيين -بقية الشعوب الأخرى -شعب وضيع بحسب النشأة الأولى، وأن الله خلقه لخدمتهم. وأما العرب فقد رأوا أنفسهم أنهم أكمل شعب على الإطلاق وأن بقية الشعوب -التي سموها الأعاجم -شعوب وضيعة ناقصة الإنسانية. تلك هي الظاهرة الاجتماعية التي كان الناس يعانون منها، ويقاسمون آلامها، حيث فرقت البشر فرقتين، فرقة الأشراف وفرقة العبيد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015