ومن أهم دعائم السعادة، التي ينشدها البشر في حياتهم، أن يطمئنوا على حقوقهم وممتلكاتهم، وأن يستقر العدل فيما بينهم، وإلاّ فلا يعرف على وجه الأرض شيء أبعث للشقاء والدّمار، وأنفى للهدوء والاستقرار بين الأفراد والجماعات، من سلب الحقوق.
إذن العدل قيمة ضرورية في الإسلام، عمل الإسلام على إثباتها، وإرسائها بين الناس، حتى ارتبطت بها جميع مناحي تشريعاته ونظمه، فلا يوجد نظام في الإسلام إلاّ وللعدل فيه مطلب، فهو مرتبط بنظام الإدارة والحكم، والقضاء، وأداء الشهادة، وكتابة العهود والمواثيق بل إنه مرتبط أيضًا بنظام الأسرة والتربية، والاقتصاد والاجتماع، والسلوك، والتفكير، إلى غير ذلك من أنظمة الإسلام المختلفة وهذا يدل بوضوح على أن الإسلام ضمن قيمة العدل في جميع مجالات الحياة، بل إنه ركز كافة أهدافه على ضوئها، مما شهد له التاريخ على سلامة المجتمعات التي حكمها، من الانهيار الخطير في الأخلاق، وأمنها من اضطراب الموازين والمعايير، وصانها من دمار النفوس، وخراب العمران.