والوجه الأول هو الصحيح لأن الشرك يحبط العمل، (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) [الزمر: 65] (وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [البقرة: 217] . وفي الحديث: " إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً وابتغي به وجهه " (?) .
ولأنه قد صح أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أن الكافر يطعم بحسنته في الدنيا فيوافى يوم القيامة وليس له حسنة، ففي صحيح مسلم، ومسند أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله لا يظلم مؤمناً حسنته، يعطى بها في الدنيا (وفي رواية يثاب عليها الرزق في الدنيا) ويجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بها بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يجزى بها " (?) .
توجيه النصوص الدالة على أن الكفار لا يُسألون:
فإن قيل: قررتم فيما سبق أن الكفار يسألون ويجادلون ويتكلمون ويعتذرون، فيكف تفعلون بالنصوص الدالة على خلاف ذلك، كقوله تعالى: (وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) [القصص: 78] ، وقوله: (فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ) [الرحمن: 39] ، وقوله: (هَذَا يَوْمُ لَا يَنطِقُونَ - وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) [المرسلات: 35-36] ، ونحو ذلك من النصوص.