قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا) [مريم: 9] ، والإنسان اسم لروح الإنسان وبدنه، وخطاب الله لزكريا لروحه وبدنه.
يقول ابن تيمية: " الإنسان عبارة عن البدن والروح معاً، بل هو بالروح أخص منه بالبدن، وإنما البدن مطية للروح، كما قال أبو الدرداء: إنما بدني مطيتي، فإن رفقت بها بلغتني، وإن لم أرفق بها لم تبلغني، وقد رواه ابن منده وغيره عن ابن عباس، قال: لا تزال الخصومة يوم القيامة بين الخلق حتى تختصم الروح والبدن، فتقول الروح للبدن: أنت عملت السيئات، فيقول البدن للروح: أنت أمرتني، فيبعث الله ملكاً يقضي بينهما فيقول: إنما مثلكما كمثل مقعد وأعمى دخلا بستاناً، فرأى المقعد فيه ثمراً معلقاً، فقال للأعمى: إني أرى ثمراً ولكن لا أستطيع النهوض إليه، وقال الأعمى: لكني أستطيع النهوض إليه، ولكني لا أراه، فقال المقعد: تعال فاحملني حتى أقطفه، فحمله وجعل يأمره فيسير به إلى حيث يشاء فقطع الثمرة، قال المَلَكُ: فعلى أيهما العقوبة؟ قالا: عليهما جميعاً، قال: فكذلك أنتما " (?) .
3- ذكرنا في بحثنا هذا كثيراً من النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الأرواح تقبض، وتوضع في كفن وحنوط تأتي بهما الملائكة، ويصعد بها، وتنعم وتعذب، وتمسك في النوم، وترسل، وكل هذا شأن المخلوق المحدث.
4- لو لم تكن مخلوقة مربوبة لما أقرت بالربوبية، وقد قال الله للأرواح حين أخذ الميثاق على العباد، وهم في عالم الذرّ، ألست بربكم؟ قالوا: بلى، وذلك ما قرره الحق في قوله: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى ... ) [الأعراف: 172] ، وما دام هو ربهم فإنهم مربوبون مخلوقون.