المطلب الثاني
الوفاة الكبرى والوفاة الصغرى
النوم شبيه الموت، ولذلك يسميه علماؤنا بالوفاة الصغرى، فالنوم وفاة، والقيام من النوم بعث ونشور (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ) [الأنعام: 60] وفي النوم تقبض أرواح العباد، ومن شاء الحق أن يمسك روحه في حال نومه أمسكها، ومن شاء بقاءها ردها إلى الأجل الذي حدده الحق، قال تعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) [الزمر: 42] . " فقد أخبر الحق أن كلا من النفسين الممسكة والمرسلة توفيتا وفاة النوم، وأمّا التي توفيت وفاة الموت فتلك قسم ثالث، وهي التي قدمها بقوله: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا) [الزمر: 42] .. فإن الله ذكر توفيتين: توفي الموت، وتوفي النوم، وذكر إمساك المتوفاة وإرسال الأخرى.
ومعلوم أنه يمسك كل ميتة سواء ماتت في النوم أو قبل ذلك، ويرسل من لم تمت، وقوله: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا) [الزمر: 42] يتناول ما ماتت في اليقظة وما ماتت في النوم، فلما ذكر التوفيتين ذكر أنه يمسكها في إحدى التوفيتين ويرسلها في الأخرى، وهذا ظاهر اللفظ بلا تكلف " (?) .