وأصل النجد ما ارتفع من الأرض، وهو خلاف الغور، فإنه ما انخفض منها، وتهامة كلها من الغور، ومكة من تهامة (?) .
ولا شك أن العراق في جهة المشرق، وأنها تعد بالنسبة للمدينة نجداً، وهذا ما فقهه سال بن عبد الله بن عمر، فعندما كان أهل العراق يرتكبون العظائم ويسألون عن التوافه من الأمور، قال لهم سالم: " يا أهل العراق، ما أسألكم عن الصغيرة، وأركبكم للكبيرة! سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الفتنة تجيء من هاهنا " وأومأ بيده نحو المشرق: " من حيث يطلع قرنا الشيطان "، وأنتم يضرب بعضكم رقاب بعض (?) .
ومن استقرأ التاريخ علم أن الفتن كانت تهب على الأمة الإسلامية والعالم الإسلامي من جهة المشرق، فمنها ثارت الفتنة التي أدت إلى مقتل الخليفة الراشد عثمان، ومنها خرجت فرقة الحرورية المارقة: الخوارج، وبقيت رياح الخوارج تعصف بالأمة في العهد الأموي، وبها قامت ثورة الزنج في عام 255هـ بالبصرة، وفي عام 278هـ انبعثت منها حركة القرامطة، ومن اطلع على ما أحدثه الزنج والقرامطة في الأمة الإسلامية يذهل مما ارتكبوه من فظائع.
وليس المشرق قصراً على العراق، فمن الشرق هبت رياح التتار، وسيبقى الأمر كذلك إلى أن تأتي رايات الدجال، من خراسان كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولا تعارضُ هذه الأحاديث - التي تحدد البؤرة التي تنبعث منها الفتن على الأمة الإسلامية - حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يرويه عنه أسامة بن زيد رضي الله عنهما،