المطلب الثالث
كيفية الخلاص من الفتن
اجتهد كثير من الصحابة في التعرف على الفتن التي ستعصف بالأمة وتبين طريق النجاة والخلاص منها، ومن هؤلاء بل في مقدمتهم حذيفة بن اليمان فقد صح عنه أنه قال: " إني لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة، فيما بيني وبين الساعة " (?) .
وقد كان حذيفة يكثر من سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم عن الفتن حتى لا يقع فيها، ففي صحيح البخاري عن حذيفة قال: " كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن، قلت: ما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم قذفوه فيها. قلت: يا رسول الله: صفهم لنا. قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا. قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك " (?) .